وأما المنافقون والذين في قلوبهم مرض، فقالوا:{مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا}[الأحزاب: ١٢].
وقالوا:{يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا}، واستأذنوا النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالوا:{إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ} ففضحهم الله -عز وجل-، وقال:{وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا}[الأحزاب: ١٣].
ثم أرسل النبي -صلى الله عليه وسلم- الزبير بن العوام - رضي الله عنه - إلى بني قريظة ليتأكد من صحة هذا الخبر.
عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قَالَ: قال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْأَحْزابِ:"مَنْ يَأتِينا بِخَبَرِ الْقَوْمِ؟ "، فَقالَ الزُّبَيْرُ: أَنا، ثُمَّ قالَ:"مَنْ يَأتِينا بِخَبَرِ الْقَوْمِ؟ "، فَقالَ الزُّبَيْرُ: أَنا، ثُمَّ قالَ:"لِكُلِّ نَبِيٍ حَوارِيُّ، وإِنَّ حَوارِيَّ الزُّبَيْرُ"(١).
وعَنْ عبد الله بن الزُّبَيرِ - رضي الله عنهما -، قالَ: كُنْتُ يَوْمَ الْأَحْزابِ جُعِلْتُ أَنا وَعُمَرُ بن أبي سَلَمَةَ في النِّساءِ، فَنَظَرْتُ فَإِذا أَنا بِالزُّبَيرِ عَلَى فَرَسِهِ يَخْتَلِفُ إلى بني قُرَيْظَةَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا، فَلَمّا رَجَعْتُ، قُلْتُ: يا أَبَتِ رَأَيْتُكَ تَخْتَلِفُ، قالَ: أَوَ هَلْ رَأَيْتَنِي يَا بنيَّ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قالَ: كانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ:"مَنْ يَأتِ بني قُرَيْظَةَ فَيَأتِينِي بِخَبَرِهِم؟ "، فانْطَلَقْتُ، فَلَمّا رَجَعْتُ جَمَعَ لِي رَسُولُ الله أَبَوَيْهِ، فَقالَ:"فِدَاكَ أبي وَأُمِّي"(٢).
(١) متفق عليه: أخرجه البخاري (٤١١٣)، كتاب: المغازي، باب: غزوة الخندق وهي الأحزاب، مسلم (٢٤١٥)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: من فضائل طلحة والزبير. (٢) متفق عليه: أخرجه البخاري (٣٧٢٠)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: مناقب الزبير بن العوام، مسلم (٢٤١٦)، كتاب: "فضائل الصحابة" باب: فضائل طلحة والزبير - رضي الله عنهما -.