ونوقش حديث أبي بكرة أيضاً: بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهاه عن العود إلى مثل ذلك والاحتجاج بشيء قد نهي عن لا يصح (١) .
وأُجيب: بأن معنى قوله: " لا تعد " يعني لا تركع دون الصف، وقيل: لا تعد أن تسعى إلى الصلاة سعياً يحفزك في النفس، وقيل: لاتعد إلاَّ الإبطاء.
ثم قد روي «لا تُعِد» بضم التاء وكسر العين، قال العيني: فإن صحت هذه الرواية فمعناه: ولا تعد صلاتك (٢) .
ولو كان النهي للتحريم لأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالإعادة (٣) .
ونوقش أيضاً: بأنه واقعة عين فلا عموم لها (٤) .
أقول: ويُمكن أن يُجاب عن هذا بأن الأصل العموم، ويتأيد هذا بفعل الصحابة - رِضْوَانُ الله عَلَيْهِمْ - فقد صح عن عدد منهم أنهم أدركوا الإمام في الركوع وركعوا دون الصف ودخلوا إلى الصف واعتدوا بتلك الركعة كما سيأتي في الدليل الرابع.
الدليل الثاني: عن أبي هريرة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إذا جئتم ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئاً، ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة "(٥) .
(١) عون المعبود ٣/١٤٦. (٢) عمدة القاري ٥/١١٤. (٣) المرجع السابق ٥/١١٥. (٤) تحفة الأحوذي ٣/١٦٤. (٥) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في الرجل يدرك الإمام ساجداً كيف يصنع رقم (٨٩٣) ١/٥٥٣. وأخرجه أيضاً ابن خزيمة في صحيحه، كتاب الصلاة، باب إدراك المأموم ساجداً، والأمر بالإقتداء به في السجود ٣/٥٧ - ٥٨، وقال: ((في القلب من هذا الإسناد فإني كنت لا أعرف يحيى بن أبي سليمان بعدالة ولا جرح)) ، والدارقطني في السنن ١/٣٤٦ - ٣٤٧، وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه ٣/٤٥ بلفظ: ((من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدركها قبل أن يقيم الإمام صلبه)) ، والحاكم في المستدرك وقال: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه ١/٢١٦ ووافقه الذهبي، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٢/٨٩ وقال: ((تفرد به يحيى بن أبي سليمان المديني)) . وصححه الشيخ العلامة الألباني؛ لأن له شاهداً قوياً أخرجه البيهقي، وجريان عمل جماعة من الصحابة عليه كما في إرواء الغليل ١/٢٦٠ - ٢٦٢.