إحداهما: أنها فرض وهي رواية الطحاوي (١) عنه، وعليهما فيجلس بعد ركعتين لا محالة اعتباراً للجمعة.
والثانية: أنها ليست بفرض وهي رواية المعلى (٢) عنه.
فكأن محمداً - رَحِمَهُ اللهُ - سلك طريقة الاحتياط لتعارض الأدلة، فأوجب ما يخرجه من الفرض بيقين جمعة كان الفرض أو ظهراً (٣) .
ونوقش: بأن هذا الاحتياط لا معنى له فإنه إن كان ظهراً فلا يُمكنه أن يبنيها على تحريمة عقدها للجمعة، وإن كانت جمعة فلا تكون الجمعة أربع ركعات (٤) .
واحتج أبو حنيفة وأبو يوسف بما يلي:
أولاً: بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا "(٥) .
ووجه الاستدلال: أنه أمر المسبوق بقضاء ما فاته ومن أدرك الإمام في
(١) هو: أحمد بن محمد بن سلامة، أبو جعفر، الطحاوي الأزدي، إمام جليل القدر، فقيه حنفي، برع في الفقه والحديث، انتهت إليه رياسة الحنفية بمصر، له مصنفات منها: شرح معاني الآثار، اختلف في ولادته، صحح صاحب الفوائد البهية أنه ولد ٢٢٩ ?، وتوفي سنة ٣٢١ ?. انظر: الفوائد البهية ص ٣١ وما بعدها. (٢) هو: معلى بن منصور، أبو يحيى، الرازي، روى عن أبي يوسف ومحمد الكتب والأمالي والنوادر، مات سنة ٢١١ ? وروى له أبو داود والترمذي وابن ماجة، وهو ثقة صاحب سنة. انظر: الفوائد البهية ص ٢١٥. (٣) المبسوط ٢/٣٥، وبدائع الصنائع ١/٢٦٧ وما بعدها، وتبيين الحقائق ١/٢٢٢، وحاشية الشلبي معه، والبحر الرائق ٢/١٦٦. (٤) المبسوط ٢/٣٥، وبدائع الصنائع ١/٢٦٨. (٥) الحديث تقدم تخريجه ص ٣٢١.