وَيُلَاحَظُ: قِلَّة التَّبْوِيْب فِي الثُّلَثِ الثَّانِي مِنَ الكِتَابِ، فَكِتَابُ الزَّكَاةِ سَاقَهُ بِدُوْنِ تَبْوِيْبٍ، وَكَذَا الصِّيَامِ، وَالمَنَاسِكِ، وَأَمَّا فِي البُيُوْعِ فَقَدْ فَصَلَ فِي الأَبْوَابِ بَعْضَ الشَّيءِ، وَأَمَّا النِّكَاحُ فَلَمْ يَفْصلْ، وَأَمَّا الجِهَادُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فَأَطَالَ التَّفْصيْلَ فِي الأَبْوَابِ بَعْضَ الشَّيءِ.
رَابِعًا: أَنَّ الغَالِبَ عَلَى أَحَادِيْثِهِ الصِّحَّةَ، وَالدَّلِيْلُ عَلَى هَذَا مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ:
الوَجْهُ الأَوَّل: تَسْمِيْةُ الكِتَاب، فَاسْمُهُ "المُنْتَقَى" وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ابْنَ الجَارُوْدِ قَدِ انْتَقَاهُ مِنْ أَحَادِيْثَ كَثِيْرَة، فَلَيْسَ كُلُّ حَدِيْثٍ يَذْكُرْهُ فِيْهِ، بَلْ لَهُ شَرْطٌ فِي ذَلِكَ.
الوَجَهُ الثَّانِي: أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ العِلْمِ قَدْ وَصَفَ أَحَادِيْثَهُ بِالصِّحَّةِ وَالقُوَّةِ.
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: "سَمَّاهُ ابْنُ عَبْدِ البَرِ وَغَيْرُهُ صَحِيْحًا" (١).
وَقَالَ الذَّهَبِي: "لا يَنْزِلُ فِيْهِ عَنْ رُتْبَةِ الحَسَنِ أَبدًا إِلَّا فِي النَّادِرِ، فِي أَحَادِيْثَ يَخْتَلِفُ فِيْهَا اجْتِهَادُ النُّقَادِ" (٢).
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الهَادِي: "وَهُوَ نَظِيْفُ الأَسَانِيْدِ" (٣).
الوَجْهُ الثَّالِث: أَنَّ مَنْ تَتَبَّعَ أَحَادِيْث الكِتَاب يَظْهَرُ لَهُ هَذَا، وَأَنَّ الأَحَادِيْثَ الضَّعِيْفَة فِيْهِ قَلِيْلَةٌ، وَفِيْهِ أَحَادِيْث مَعْلَوْلَة.
(١) "إِتْحَافُ المَهَرَة" (١/ ١٥٩).(٢) "سِيَرُ أَعْلام النُّبَلاء" (١٤/ ٢٣٩).(٣) "الطَّبَقَاتُ" (٢/ ٤٦٩).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute