وَتَصِحُّ هِبَةُ جَائِزٍ بَيْعُهُ خَاصَّةً، نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ أَحْمَدُ: مَا جَازَ بَيْعُهُ جَازَ فِيهِ الصَّدَقَةُ وَالْهِبَةُ وَالرَّهْنُ، وَقَالَ إذَا وَقَفَ أَوْ وَصَّى بِأَرْضٍ مُشَاعَةٍ احْتَاجَ أَنْ يَحُدَّهَا كُلَّهَا، وكذا البيع وَالصَّدَقَةُ هُوَ عِنْدِي وَاحِدٌ.
وَهِبَةُ مَجْهُولٍ تَعَذَّرَ عِلْمُهُ كَصُلْحٍ، وَقَالَ فِي الْكَافِي١: وَكَلْبٌ وَنَجَاسَةٌ يُبَاحُ نَفْعُهَا، نَقَلَ حَنْبَلٌ فِيمَنْ أَهْدَى إلَى رَجُلٍ كَلْبَ صَيْدٍ: تَرَى لَهُ أَنْ يُثِيبَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: هَذَا خِلَافُ الثَّمَنِ، هَذَا عِوَضٌ مِنْ شَيْءٍ، فَأَمَّا الثَّمَنُ فَلَا، وَقِيلَ: وَجِلْدُ مَيْتَةٍ، وَقِيلَ: وَمَجْهُولٌ عِنْدَ مُتَّهَبٍ، وَغَيْرُ مَقْدُورٍ، كَوَصِيَّةٍ.
وَيُتَوَجَّهُ مِنْهُ٢ هِبَةُ مَعْدُومٍ وَغَيْرِهِ وَنَقَلَ ابْنُ أَبِي عَبْدَةَ: سُئِلَ عَنْ الصَّدَقَةِ بِثُلُثِ دَارٍ غَائِبَةٍ عَلَى رَجُلٍ مُشَاعَةٍ، وَحَدِّ الدَّارِ وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ، قَالَ: جَائِزٌ، لَيْسَ كَمَا يَقُولُ هَؤُلَاءِ: لَا يَجُوزُ حَتَّى يُعَرِّفَ الدَّارَ، وَنَقَلَ حَرْبٌ: إذَا قَالَ ثُلُثُ ضَيْعَتِي لِفُلَانٍ بِلَا قِسْمَةٍ جَازَ إذَا كَانَتْ تُعْرَفُ، وَلَا مُعَلَّقَةً بِشَرْطٍ غَيْرِ الْمَوْتِ، وَلَا مُؤَقَّتَةً، خِلَافًا لِلْحَارِثِيِّ فيهما، إلا في العمري، كقوله:
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَقَطَعَ فِي الْكَافِي٣ بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُنْكِرِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، قُلْت: الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأَخِيرَةِ، فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ وَلَا الْهِبَةُ، هَذَا مَا يَظْهَرُ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، كَمَا قَالَ فِي الْكَافِي٣، وَقَدَّمَهُ الْحَارِثِيُّ فِي شَرْحِهِ وَصَحَّحَهُ، وَقَالَ: حَكَاهُ فِي الكافي٣ وغير واحد.
١ ٣/٥٩٦.٢ ليست في الأصل.٣ ٣/٥٩٩.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute