للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان مشغوفا أيضا بالخيل فجلبت له من البلاد، لا سيّما خيول العرب آل مهنّا وآل فضل، فإنه كان يقدّمها على غيرها، ولهذا كان يكرم العرب ويبذل لهم الرغائب فى خيولهم، فكان إذا سمع العربان بفرس عند بدوىّ أخذوها منه بأغلى القيمة، وأخذوا من السلطان مثلى ما دفعوا فيها. وكان له فى كلّ طائفة من طوائف العرب عين يدلّه على ما عندهم من الخيل من الفرس السابق أو الأصيل، بل ربّما ذكروا له أصل بعضها لعدّة جدود، حتّى يأخذها بأكثر مما كان فى نفس صاحبها من الثمن، فتمكّنت منه بذلك العربان، ونالوا المنزلة العظيمة والسعادات الكثيرة. وكان يكره خيول برقة فلا يأخذ منها إلا ما بلغ الغاية فى الجودة، وما عدا ذلك إذا جلبت إليه فرّقها. وكان له معرفة تامّة بالخيل وأنسابها، ويذكر من أحضرها له فى وقتها، وكان إذا استدعى بفرس يقول لأمير آخور: الفرس الفلانية التى أحضرها فلان واشتريتها منه بكذا وكذا. وكان إذا جاءه شىء منها عرضها وقلّبها بنفسه، فإن أعجبته دفع فيها من العشرة آلاف إلى أن اشترى بنت الكرماء بمائتى «١» ألف درهم، وهذا شىء لم يقع لأحد من قبله ولا من بعده، فإنّ المائتى ألف درهم كانت يوم ذاك بعشرة آلاف دينار. وأمّا ما اشتراه بمائة ألف وسبعين ألفا وستين ألفا وما دونها فكثير. وأقطع آل مهنّا وآل فضل بسبب ذلك عدّة إقطاعات، فكان أحدهم إذا أراد من السلطان شيئا قدم عليه فى معنى أنه يدلّه على فرس عند فلان ويعظّم أمره، فيكتب من فوره بطلب تلك الفرس فيشتدّ صاحبها ويمتنع [من قودها «٢» ] ثم يقترح ما شاء، ولا يزال حتى يبلغ غرضه من السلطان فى ثمن فرسه.