وهو أوّل من اتّخذ من ملوك مصر ديوانا للإسطبل السلطانىّ وعمل له ناظرا وشهودا وكتّابا لضبط أسماء الخيل، وأوقات ورودها وأسماء أربابها، ومبلغ أثمانها ومعرفة سوّاسها وغير ذلك من أحوالها، وكان لا يزال يتفقّد الخيول، فإذا أصيب منها فرس أو كبر سنّه بعث به مع أحد الأوجاقية الى الجشّار «١» بعد ما يحمل عليها حصانا يختاره، ويأمر بضبط تاريخه، فتوالدت عنده خيول كثيرة، حتى أعنته عن جلب ما سواها. ومع هذا كان يرغب فى الفرس المجلوب إليه أكثر ممّا توالد عنده، فعظم العرب فى أيامه لجلب الخيل وشمل الغنى عامّتهم، وكانوا إذا دخلوا إلى مشاتيهم أو إلى مصايفهم يخرجون بالحلى والحلل والأموال الكثيرة، ولبسوا فى أيامه الحرير الأطلس المعدنىّ بالطّرز الزّركش والشاشات المرقومة، ولبسوا الخلع البابلىّ والإسكندرىّ المطرّز بالذهب، وصاغ السلطان لنسائهم الأطواق الذهب المرصّع وعمل لهم العناتر «٢» بالأكر الذهب والأساور المرصّعة بالجوهر واللؤلؤ، وبعث لهنّ بالقماش السكندرى وعمل لهنّ البراقع الزّركش، ولم يكن لبسهم قبل ذلك إلا الخشن من الثياب على عادة العرب. وأجلّ ما لبس مهنّا أميرهم أيام الملك المنصور لاچين طرد وحش، لمودّة كانت بين لاچين وبين مهنّا بن عيسى، فأنكر الأمراء ذلك على الملك المنصور لاچين فاعتذر لهم بتقدّم صحبته له وأياديه عنده، وأنه أراد أن يكافئه على ذلك.
وكان الملك الناصر فى جشاره «٣» ثلاثة آلاف فرس، يعرض فى كلّ سنة نتاجها عليه فيسلّمها للرّكّابين من العربان [لرياضتها «٤» ] ثم يفرّق أكثرها على الأمراء