للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شهر ربيع الأوّل وجدت ورقة بين فرش السلطان فيها: المملوك بيرم ناصح السلطان يقبّل الأرض وينهى: إنّنى أكلت رزقك وأنت قوام المسلمين، ويجب على كلّ أحد نصحك، وإنّ بشتك وآقبغا عبد الواحد اتّفقا على قتلك مع جماعة من المماليك فآحترس على نفسك، وكان بشتك فى ذلك اليوم قد توجّه بكرة النهار إلى جهة الصعيد، فطلب السلطان الأمير قوصون والأمير آقبغا عبد الواحد وأوقفهما على الورقة، فكاد عقل آقبغا أن يختلط من شدّة الرّعب، وأخذ الأمير قوصون يعرّف السلطان أن هذا فعل من يريد التشويش على السلطان وتغيير خاطره على مماليكه.

فأخرج السلطان البريد فى الحال لردّ الأمير بشتك فأدركه بإطفيح وقد مدّ سماطه، فلمّا بلغه الخبر قام ولم يمدّ يده إلى شىء منه. وجدّ فى سيره حتى دخل على السلطان، فأوقفه السلطان على الورقة فتنصّل ممّا رمى به كما تنصّل آقبغا واستسلم، وقال:

هذه نفسى ومالى بين يدى السلطان. وإنما حمل من رمانى بذلك الحسد على قربى من السلطان، وعظم إحسانه إلىّ ونحو هذا، حتى رقّ له السلطان وأمره أن يعود إلى الصيد إلى جهة قصده.

ثم طلب السلطان [ناظر] ديوان الجيش، ورسم له أن يكتب كلّ من اسمه بيرم ويحضره إلى آقبغا عبد الواحد، فارتجّت القلعة والمدينة، فطلب ناظر الجيش المذكورين وعرضهم وأخذ خطوطهم ليقابل بها كتابة الورقة فلم يجده. فلمّا أعيا آقبغا الظّفر بالغريم اتّهم النّشو أنّها من مكايده، واشتدّ قلق السلطان وكثر انزعاجه بحيث إنه لم يستطع أن يقرّ بمكان واحد، وطلب والى القاهرة وأمره بهدم ما بالقاهرة من حوانيت صنّاع النّشّاب ويناى من عمل نشّابا شنق، فامتثل ذلك. وخرّب جميع مرامى النّشّاب، وغلّقت حوانيت القوّاسين، ونزل الأمير برسبغا إلى الأمراء جميعهم، وعرّفهم عن السلطان أنّ من رمى من مماليكم بالنّشاب أو حمل