قوسا كان أستاذه عوضا عنه فى التلاف، وألّا يركب أحد من الأمراء بسلاح ولا تركاش «١» ، وبينما الناس فى هذا الهول الشديد إذ دخل رجل يعرف بابن الأزرق- كان أبوه ممن مات فى عقوبة النّشو لما صادره، وقد تقدّم ذكر ابن الأزرق فى أمر بناء جامع الخطيرى- على جمال الكفاة وطلب الورقة ليعرّفهم من كتبها، فقام جمال الكفاة إلى السلطان ومعه الرجل، فلما وقف عليها قال: يا خوند، هذه خطّ أحمد الخطائى «٢» ، وهو رجل عند ولىّ الدولة صهر النّشو يلعب معه النّرد ويعاقره الخمر، فطلب المذكور وحاققه الرجل محاققة طويلة فلم يعترف، فعوقب عقوبات مؤلمة إلى أن أقرّ بأنّ ولىّ الدولة أمره بكتابتها، فجمع بينه وبين ولىّ الدولة فأنكر ولىّ الدولة ذلك، فطلب أن يرى الورقة فلما رآها حلف جهد أيمانه أنها خطّ ابن الأزرق الشاكى، لينال منه غرضه، من أجل أنّ النّشو قتل أباه، وحاققه على ذلك، فاقتضى الحال عقوبة ابن الأزرق فاعترف أنّها كتابته وأنه أراد أن يأخذ بثأر أبيه من النّشو وأهله، فعفا السلطان عن ابن الأزرق ورسم بحبس ابن الخطائى «٣» . ورسم لبرسبغا الخاجب وابن صابر المقدم أن يعاقبا النّشو وأهله حتى يموتوا. وأذن السلطان للأجناد فى حمل النّشّاب فى السّفر دون الحضر، فصارت هذه عادة إلى اليوم.
ويقال إنّ سبب عقوبة النّشو أنّ أمراء المشورة تحدّثوا مع السلطان، وكان الذي ابتدأ بالكلام سنجر الجاولى وقبّل الأرض، وقال: حاشى مولانا السلطان من شغل الخاطر وضيق الصدر، فقال السلطان: يا أمراء، هؤلاء مماليكى أنشأتهم وأعطيتهم العطاء الجزيل، وقد بلغنى عنهم ما لا يليق، فقال الجاولى: