ولا تَجْهَرُوا لَهُ بِالقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أنْ تَحْبَطَ أعْمالُكُمْ وأنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ﴾ الآيات [الحجرات].
فعن أنس بن مالك ﵁ أن النبي ﷺ افتقد ثابت بن قيس (١) فقال رجل يا رسول الله أنا أعلم لك علمه، فأتاه فوجده جالسًا في بيته منكسا رأسه فقال له ما شأنك؟ فقال: شر. كان يرفع صوته فوق صوت النبي ﷺ فقد حبط عمله وهو من أهل النار. فأتى الرجل، النبي ﷺ فأخبره أنه قال كذا وكذا فقال موسى (٢): فرجع إليه المرة الآخرة ببشارة عظيمة، فقال: اذهب إليه فقل له: إنك ليست من أهل النار، ولكنك من أهل الجنة" (٣).
وقال ابن الزبير (٤): "ما كان عمر بن الخطاب ﵁ يسمع رسول الله ﷺ بعد هذه الآية حتى يستفهمه" (٥)
[١٠ - أن الله أمر الأمة بأنهم إذا أرادوا أن يناجوه ﷺ بأن يقدموا بين يدى نجواهم صدقة، ثم نسخ ذلك، وأمرهم بالطاعة]
فقال تعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ
(١) هو ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري الخزرجي: خطيب الأنصار شهد له النبي ﷺ بالجنة، شهد أحدا وما بعدها، قتل يوم اليمامة. الإصابة (١/ ١٩٧). (٢) موسى بن أنس بن مالك الأنصاري، قاضي البصرة، تابعي، ثقة قليل الحديث. (٣) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب التفسير، باب "لا ترفعوا أصواتهم فوق صوت النبي". انظر فتح الباري (٨/ ٥٩٠) ٤٨٤٦. (٤) هو: عبد الله بن الزبير بن العوام، ولد عام الهجرة، وحنكه النبي ﷺ ودعا له، وكان أول مولود في الإسلام بالمدينة وكان شهمًا فصيحًا، وقد بويع له بالخلافة بعد موت - يزيد بن معاوية فبقى ثمان سنوات حتى قتل في أيام عبد الملك سنة ثلاث وسبعين للهجرة. الإصابة (٢/ ٣٠١ - - ٣٠٣). (٥) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التفسير، باب "لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي". فتح الباري (٨/ ٥٩٠) (ح ٤٨٤٥)