٣ ويدل على فساد عقيدتهم أن سبب عقد مجمع القسطنطينية الآنف الذكر أن هناك الكثير من النصارى الذين ما زالوا على عقيدة التوحيد، ينكرون ألوهية المسيح وألوهية الروح القدس، كأسقف القسطنطينية البطريرك مكدونيوس الذي يعتقد أنه كسائر المخلوقات، وخادم للابن كأحد الملائكة، كما أن اختلاف النصارى حول طبيعة المسيح، وحول انبثاق الروح القدس، وغيرها من أصول العقيدة، التي عقدوا من أجلها المجامع المتعددة لتقرير أصولها وما حدث بينهم من انقسامات وما نتج عنها من ظهور طوائف متعددة، كل طائفة تنكر ما عليه الطائفة الأخرى، كل ذلك وغيره يدل على أنهم ضلوا عن الوحي الإلهي الذي أنزله الله تعالى على المسيح عليه السلام وعلى النبيين من قبله، إذ لو تمسكوا بالوحي لهدوا إلى الصراط المستقيم، الذي من أجله أرسلت الرسل، وأنزلت الكتب.
٤ كما أن نصوص الإنجيل وأقوال بولس الرسول التي تدل بزعمهم على ألوهية الروح القدس باطلة بنصوص الإنجيل نفسه، وبأقوال بولس نفسه أيضاً، ودليل ذلك مايأتي:
أأن ملاك الله جبريل عليه السلام، بشر زكريا عليه السلام بميلاد يوحنا المعمدان يحيى عليه السلام وأنه يكون عظيماً أمام الرب، ومن بطن أمه يمتلئ من الروح القدس، إذ جاء في الإنجيل:((فقال الملاك: لا تخف يا زكريا لأن طلبتك قد سمعت، وامرأتك إليصابات ستلد لك ابناً، وتسميه يوحنا ويكون لك فرح وابتهاج وكثيرون سيفرحون بولادته، لأنه يكون عظيماً أمام الرب، وخمراً ومسكراً لا يشرب، ومن بطن أمه يمتلئ من الروح القدس، ويرد كثيرين من بني إسرائيل إلى الرب إلههم)) (١٦١) ، هذا النص يفيد أن جبريل ملاك الله بشر زكريا بمولد ابنه، وأنه يكون عظيماً أمام الله عز وجل، عفيفاً عن المسكرات، ويؤيده الله بروح القدس، وأنه يرد بني إسرائيل إلى الرب إلههم.