للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحلول أو الاتحاد في المسيح ثبت بالنص، ولا نص في غيره لوجوه: أحدها: أن النصوص لم تدل على شيء من ذلك.

الثاني: أن في غير المسيح من النصوص ما شابه النصوص الواردة فيه كلفظ الابن، ولفظ حلول روح القدس فيه، ونحو ذلك. الثالث: أن الدليل لا ينعكس فلا يلزم من عدم الدليل المعين عدم المدلول، وليس كل ما علمه الله وأكرم به أنبياءه أعلم به الخلق بنص صريح، بل من جملة الدلالات دلالة الالتزام، وإذ ثبت الحلول والاتحاد في أحد النبيين لمعنى مشترك بينه وبين النبي الآخر وجب التسوية بين المتماثلين، كما إذ ثبت أن النبي يجب تصديقه، لأنه نبي، ويكفر من كذبه لأنه نبي، فيلزم من ذلك تصديق كل نبي وتكفير من كذبه. الرابع: هب أنه لا دليل على ثبوت ذلك في الغير، فيلزم تجويز ذلك في الغير إذ لا دليل على إنتفائه، كما يقولون: إن ذلك كان ثابتاً في المسيح قبل إظهاره الآيات على قولهم، وحينئذٍ فيلزمهم أن يجوزوا في كل نبي أن يكون الله قد جعله إلهاً تاماً وإنساناً تاماً كالمسيح وإن لم يعلم ذلك. الخامس: لو لم يقع ذلك، لكنه جائز عندهم، إذ لا فرق في قدرة الله بين اتحاده بالمسيح واتحاده بسائر الآدميين، فيلزمهم تجويز أن يجعل الله كل إنسان إلهاً تاماً وإنساناً تامًا، ويكون كل إنسان مركباً من لاهوت وناسوت، وقد تقرب إلى هذا اللازم الباطل من قال بأن أرواح بني آدم من ذات الله، وأنها لاهوت قديم أزلي فيجعلون نصف كل أدمي لاهوتاً، وهؤلاء يلزمهم من المحالات أكثر مما يلزم النصارى من بعض الوجوه، والمحالات التي تلزم النصارى أكثر من بعض الوجوه)) (١٦٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>