واتخذ الإحسان بعد الحرب العالمية الثانية شكلاً جديدًا وطريقة جديدة. لقد أصبح مساعدات فنية للأمم المتخلفة، ثم لم يبق من حاجة لبذله من طريق التبشير ما دام قد أصبح بذله ممكنًا من طريق الحكومات المستعمرة نفسها، ولا غرو فإن التبشير لم يكن سوى وسيلة إلى الاستعمار، فما الفائدة إذن من الاحتفاظ بوسيلة إذا كان الاستعمار قد وجد خيرًا منها؟
أجمل عبد العزيز فهمي أهداف المساعدت الفنية وأغراضها الحقيقية إجمالاً جَيِّدًا في كتابه " الاستعمار عدو الشعوب "(١) واستشهد بالحقائق التالية (٢):
وليس مِنَ الخَفِيِّ عَلَى أَحَدٍ أَن هذه المساعدات لا تبذل إلا مع خبراء ينفذون في الدرجة الأولى اتجاه حكوماتهم في البلاد المتخلفة لا حاجات تلك البلاد المتخلفة.
وأقرب مثال على التدخل السياسي مع المساعدات الفنية مشروع بناء السد العالي على نهر النيل في مصر. عرضت الولايات المتحدة على مصر تمويل بناء سد على النيل بأموال بعضها
(١) ١٢٧ - ١٤١. (٢) " مجلة الغرفة التجارية " (في الولايات المتحدة) - السنة العاشرة، مارس (آذار) ١٩٥٣، العدد ٣، ص ٩، ٩٦ (" الاستعمار عدو الشعوب ": ص ١٣١). (٣) أفضل؟