المبحث الثالث الأدلة على مشروعية الأمان من الكتاب والسنة الأصل في الأمان قوله تعالى:{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ}(١) . قال ابن جرير الطبري:" يقول تعالى ذكره لنبيه وإن استأمنك - يا محمد - من المشركين الذين أمرتك بقتالهم وقتلهم بعد انسلاخ الأشهر الحرم أحد ليسمع كلام الله منك , وهو القرآن الذي أنزل الله عليه , [فَأَجِرْهُ] يقول: فأمنه {حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} وتتلوه عليه: {ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} يقول ثم رده بعد سماعه كلام الله إن هو أبى أن يسلم , ولم يتعظ بما تلوته عليه من كلام الله فيؤمن إلى:[مَأْمَنَهُ] يقول: إلى حيث يأمن منك وممن في طاعتك , حتى يلحق بداره وقومه من المشركين "(٢) , وقال ابن كثير: " يقول - تعالى - لنبيه صلى الله عليه وسلم عليه:{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} الذين أمرتك بقتالهم وأحللت لك استباحة نفوسهم وأموالهم [اسْتَجَارَكَ] أي: استأمنك فأجبه إلى طلبته حتى يسمع كلام الله , أي: القرآن تقرؤه عليه وتذكر له
(١) سورة التوبة , الآية ٦. (٢) جامع البيان ١١ / ٣٤٦.