ففي قوله تعالى {فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} أي جهته الله وقبلته فالمقصود بوجه الله هنا الجهة التي تستقبل في الصلاة كما قال في أول الآية {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ}(١). ثم قال:{فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} كما قال: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}(٢). فإذا كان المشرق والمغرب لله تعالى {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا}(٣)، وقوله "موليها" أي مستقبلها فهذا كقوله: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}، أي فأينما تستقبلوا فثم وجهة الله تعالى (٤).
[الادلة من السنة على إثبات صفة الوجه لله تعالى".]
ورد إثبات الوجه لله تبارك وتعالى في كثير من الأحاديث النبوية الصحيحة من ذلك ما روى مسلم بسنده عن أبى موسى أنه قال: "قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس كلمات فقال: "إن الله عز وجل لا ينام، ولا ينبغى له أن ينام يخفض القسط ويرفعه يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار. وعمل النهار قبل عمل الليل. حجابه النور - وفى رواية أبى بكر النار - لو كشفه لأحرقت سبحات (٥)
(١) سورة البقرة: آية (١١٥). (٢) سورة البقرة: آية (١٤٢). (٣) سورقة البقرة: آية (١٤٨). (٤) انظر الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (٣: ١٤٤، ١٤٥)، تفسيرات ابن تيمية جمع إقبال الأعظمي (ص ٨١) تأويلات أهل السنة للماتريدي (١: ٢٦٣)، مختصر الصواعق المرسلة (٢: ٣٥٤، ٣٥٥). (٥) سبحات وجه الله تعالى بضمتين: أنواره وجلاله وعظمته. وقيل سبحات الوجه محاسنه، لأنك إذا رأيت الحسن الوجه قلت سبحان الله وقيل: تنزيه له: أي سبحان وجهه. انظر مختار الصحاح (ص ٢٨٢)، لسان العرب (٣: ٣٠١)، صحيح الإمام مسلم بشرح النووي (٣: ١٤).