وَفَرَّقُوا بَيْنَ إِجَارَةِ النُّقُودِ وَإِعَارَتِهَا لِمَنْفَعَةِ التَّزَيُّنِ بِهَا أَوْ مُعَايَرَةِ الْوَزْنِ بِهَا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْمَنَافِعِ، وَبَيْنَ وَقْفِهَا عَلَى مِثْل هَذِهِ الْمَنَافِعِ، بِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ الأَْصْلِيَّةَ الْمَقْصُودَةَ الَّتِي خُلِقَتْ لَهَا النُّقُودُ هِيَ كَوْنُهَا أَثْمَانًا تُنْفَقُ إِلَى الأَْغْرَاضِ وَالْحَاجَاتِ، وَأَنَّ الإِْجَارَةَ وَالإِْعَارَةَ الْمُعْتَبَرُ فِيهِمَا عَدَمُ الدَّوَامِ بِخِلاَفِ الْوَقْفِ.
وَفِي وَجْهٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ نَقَلَهُ صَاحِبُ الْفُرُوعِ: يَجُوزُ وَقْفُهَا لِلتَّحَلِّي وَالْوَزْنِ وَهُوَ مُقَابِل الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ (١) .
وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَيُوَافِقُونَ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ وَقْفِ النُّقُودِ عَلَى الإِْنْفَاقِ وَعَلَى التَّزَيُّنِ وَنَحْوِهِ مِنَ الْمَصَالِحِ، لَكِنْ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّهَا إِنْ وُقِفَتْ عَلَى الإِْقْرَاضِ جَازَ. وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الإِْمَامُ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَتُقْرَضُ لِمَنْ يَنْتَفِعُ بِإِنْفَاقِهَا، وَيَرُدُّ بَدَلَهَا، فَإِذَا رَدَّ بَدَلَهَا تُقْرَضُ لِغَيْرِهِ، وَهَكَذَا. قَالُوا: وَيَنْزِل رَدُّ بَدَل النُّقُودِ مَنْزِلَةَ بَقَاءِ عَيْنِهَا (٢) .
وَتَفْصِيل مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ فِي ذَلِكَ أَنَّ مُقْتَضَى قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ عَدَمُ
(١) مغني المحتاج ٢ / ٣٧٧، ونهاية المحتاج ٥ / ٣٥٨، وروضة الطالبين ٥ / ٣١٥، وأسنى المطالب ٢ / ٤٥٨.(٢) جواهر الإكليل ٢ / ٢٠٥، وحاشية الدسوقي ٤ / ٧٦، ٧٧، والمغني لابن قدامة ٥ / ٨٤، والفروع لابن مفلح ٤ / ٥٨٣.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute