قالوا: والاستعاذة لا تجوز بالمخلوق، وقول القائل:"أعوذ بالله" معناه أستجير بالله، فإذا لم يجز أن يستعاذ بمخلوق؛ لا نبي ولا غيره، فإنه لا يجوز أن يقال أنت خير معاذ (١) يستعاذ به، بطريق الأولى والأحرى (٢) ، كقول القائل لمن مات من الأنبياء وغيرهم: بك استجير من كذا، وكذا كقوله: بك أستعين، وقوله: بك أستغيث في معنى ذلك إذا كان مطلوبه منع الشدة أو رفعها، والمستعيذ بطلب منع المستعاذ منه أو رفعه، فإذا كان مخوفاً طلب منعه؛ كقوله: أعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر، وإذا كان حاضراً طلب رفعه، كما في الحديث الصحيح:"أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر"(٣) فتعوَّذ من شر الموجود، وشر المحاذر.
والداعي يطلب حصول (٤) أحد شيئين: إما حصول منفعة، أو دفع مضرة، فالاستعاذة (٥) والاستجارة والاستغاثة
/كلها من نوع الطلب والدعاء. ومما يبين حكمة الشريعة وعظم قدرتها، وأنها كما قيل: "سفينة نوح من
(١) في "م" و"ش": "مستعاذ". (٢) سقطت من "م" و"ش": "والأحرى". (٣) أخرجه مسلم في "السلام"باب استحباب وضع يده على موضع الألم مع الدعاء (ح/٢٢٠٢) من حديث عثمان بن أبي العاص مرفوعاً. (٤) سقطت من (المطبوعة) : "حصول". (٥) في "م": "فالاستعانة".