الثَّانِي: أن يَكون النَّاسِخ مُتَأخِّرًا عَنْ الْمَنْسُوخ في النُّزُول، وإذا كَان مُتَأخِّرًا عَنه في النُّزُول كَان الأحْسَن أن يَكُون مُتَأخِّرًا عَنه في التِّلاوَة أيضًا، لأنَّ هَذا التَّرْتِيب أحْسَن، فأمَّا تَقَدُّم النَّاسِخ على الْمَنْسُوخ في التِّلاوة فَهو وإن كَان جَائزًا في الْجُمْلَة إلَّا أنه يُعَدّ مِنْ سُوء التَّرْتِيب، وتنْزِيه كَلام الله تَعالى عَنه وَاجِب بِقَدْرِ الإمْكَان، ولما كانت هذه الآية مُتأخِّرَة عَنْ تِلك [في](١) التِّلاوَة كَان الأوْلى أن لا يُحْكَم بِكَونِها مَنْسُوخَة بِتِلْك" (٢).
وقال ابن جُزيّ: هذه الآية مَنْسُوخة، ومَعْنَاهَا أنَّ الرَّجُل إذا مَات كَان لِزَوْجَتِه أن تُقِيم في مَنْزِله سَنَة، ويُنفَق عَليها مِنْ مَالِه، وذَلك وَصِيَّة لَها، ثم نَسِخ إِقامَتها سَنَة
(١) زيادة يقتضيها السياق. (٢) التفسير الكبير، مرجع سابق (٦/ ١٣٤، ١٣٥) باختصار، وسيأتي تعقّب قول أبي مسلم هذا في "رأي الباحث".