والصَّحِيح أنْ لا نَسْخ، لأنَّ النَّسْخ في الأخْبَار يَسْتَحِيل (١) - وسَيَأتي بَيَان الْجَمْع بَيْن الآي في هذه السُّورَة وفي الفرقان إن شاء الله تعالى -.
وفي الترمذي عن علي بن أبي طالب قال: مَا في القُرْآن آيَة أحَبّ إليَّ مِنْ هَذه الآيَة: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ). قال (٢): هذا حديث حسن غريب (٣).
قال: هَاتَان الآيَتَان نَزَلَتَا بِسَبَب ابن أُبَيْرِق السَّارِق لَمَّا حَكَم النبي صلى الله عليه وسلم عليه بِالقَطْع وهَرَب إلى مَكَّة وارْتَدّ.
قال سعيد بن جبير: لَمَّا صَار إلى مَكة نَقَب بَيْتًا بِمَكَّة فَلَحِقه الْمُشْرِكُون فَقَتَلُوه، فأنْزَل الله تعالى:(إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) إلى قوله: (فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا).
وقال الضحاك: قَدِم نَفَرٌ مِنْ قُرَيش الْمَدِينَةَ وأسْلَمُوا ثم انْقَلَبُوا إلى مَكَّة مُرْتَدّين، فَنَزَلَتْ هَذه الآيَة.
وقال الكلبي: نَزَل قَوله تَعالى: (نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى) في ابن أُبَيرق لَمَّا ظَهَرَتْ حَاله وسَرِقَته هَرَب إلى مَكَّة وارْتَدّ، ونَقَب حَائطًا لِرَجُلٍ بِمَكَّة، يُقَال له: حَجاج بن عِلاط فَسَقَط فَبَقِي
(١) هذا متعقب بأنه ليس خبرًا محضًا، بل هو خبر بمعنى الأمر. وينظر: معالم التنزيل، مرجع سابق (٣/ ٣٧٨). (٢) أي: الترمذي، (ح ٣٠٣٧) وقال عقبه: وأبو فاختة: اسمه سعيد بن علاقة، وثوير يكنى أبا جهم، وهو كوفي رجل من التابعين، وقد سمع من ابن عمر وابن الزبير. وابن مهدي كان يغمزه قليلًا. والأثر ضعيف، ففي إسناده: ثُوير بن أبي فاختة، ضعيف رمي بالرفض. (تقريب التهذيب ترجمة ٨٧٠). وقول علي هذا كرره القرطبي في تفسير الآية ١١٦ من سورة النساء. (٣) انظر: الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (٥/ ٢٣٥، ٢٣٦).