[الْمَسْأَلَةُ الأولى الْخِطَابِ الدَّالِّ عَلَى حُكْمٍ مُرْتَبِطٍ بِاسْمٍ عَامٍّ مُقَيَّدٍ بِصِفَةٍ خَاصَّةٍ]
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى
اخْتَلَفُوا فِي الْخِطَابِ الدَّالِّ عَلَى حُكْمٍ مُرْتَبِطٍ بِاسْمٍ عَامٍّ مُقَيَّدٍ بِصِفَةٍ خَاصَّةٍ كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " فِي الْغَنَمِ السَّائِمَةِ زَكَاةٌ " (١) هَلْ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الزَّكَاةِ السَّائِمَةِ أَوْ لَا؟ فَأَثْبَتَهُ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالْأَشْعَرِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ وَأَبُو عُبَيْدٍ (٢) وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ، وَنَفَاهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ سُرَيْجٍ وَالْقَفَّالُ وَالشَّاشِيُّ وَجَمَاهِيرُ الْمُعْتَزِلَةِ.
وَفَرَّقَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ، وَقَالَ: الْخِطَابُ الْمُتَعَلِّقُ بِالصِّفَةِ دَالٌّ عَلَى النَّفْيِ عَمَّا عَدَاهَا فِي أَحَدِ أَحْوَالٍ ثَلَاثٍ: وَهِيَ أَنْ يَكُونَ الْخِطَابُ قَدْ وَرَدَ لِلْبَيَانِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «فِي الْغَنَمِ السَّائِمَةِ زَكَاةٌ» ".
أَوِ التَّعْلِيمِ كَمَا فِي خَبَرِ " التَّحَالُفُ عِنْدَ التَّخَالُفِ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ " (٣) أَوْ يَكُونُ مَا عَدَا الصِّفَةَ دَاخِلًا تَحْتَهَا، كَالْحُكْمِ بِالشَّاهِدَيْنِ، فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِهِ عَنِ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ لِدُخُولِهِ فِي الشَّاهِدَيْنِ، وَلَا يَدُلُّ عَلَى النَّفْيِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ.
(١) هَذَا مَعْنَى جُزْءٍ مِنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بِلَفْظِ: فِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ أَرْبَعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةِ شَاةٍ فَاقْتَصَرَ الْمُؤَلِّفُ عَلَى مَوْضِعِ الشَّاهِدِ وَتَصَرَّفَ فِي الْعِبَارَةِ.(٢) أَبُو عُبَيْدٍ هُوَ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ الْبَغْدَادِيُّ مَاتَ بِمَكَّةَ عَامَ ٢٢٤ هـ عَنْ ٧٦ سَنَةً.(٣) يُشِيرُ إِلَى مَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي زِيَادَاتِ الْمُسْنَدِ مِنْ طَرِيقِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ جَدِّهِ بِلَفْظِ (إِذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا تَحَالَفَا) ، وَقَدْ رُوِيَ الْحَدِيثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مِنْ طُرُقٍ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ كُلٌّ مِنْهَا لَمْ يَخْلُ مِنْ مَقَالٍ، قَدْ جَزَمَ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّ طُرُقَ هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مَوْصُولٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute