لما قص تعالى على رسوله في هذه السورة ما قص من أخبار الأمم السابقة خاطبه قائلا {١ذلك} أي ما تقدم في السياق {من أنباء القرى} أي أهلها نقصه عليك تقريراً لنبوتك وإثباتاً لرسالتك وتثبيتاً لفؤادك وتسلية لك. وقوله تعالى {منها قائم وحصيد٢} أي ومن تلك القرى البائدة منها آثار قائمة من جدران وأطلال، ومنها ما هو كالحصيد ليس فيه قائم ولا شاخص لاندراسها وذهاب آثارها. وقوله تعالى {وما ظلمناهم} بإهلاكنا إياهم ولكن هم ظلموا أنفسهم بالشرك والمعاصي والمجاحدة لآياتنا والمكابرة لرسولنا. وقوله تعالى {فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شيء٣} أي لم تغن عنهم أصنامهم التي اتخذوها آلهة فعبدوها بأنواع العبادات من دعاء ونذر وذبح وتعظيم إذ لم تغن عنهم شيئاً من الإغناء {لما جاء أمر ربك} بعذابهم {وما زادوهم غير تتبيب٤} أي تخسير ودمار وهلاك. ثم في الآية الأخيرة قال تعالى لرسوله محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {وكذلك أخذ ربك} أي وكذلك الأخذ المذكور أخذ ربك {إذا أخذ القرى} أي العواصم والحواضر بمن فيها والحال٥ أنها ظالمة بالشرك والمعاصي. {إن أخذه أليم شديد} أي ذو وجع شديد لا يطاق فهل يعتبر المشركون والكافرون والظالمون اليوم فيترك المشركون شركهم والكافرون كفرهم والظالمون ظلمهم قبل أن يأخذهم الله كما أخذ من قبلهم؟.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- تقرير نبوة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونشر رسالته وتسليته بما يقص الله عليه من أنباء السابقين.
١ ذلك مبتدأ أي ذلك النبأ المتقدم من أنباء القرى، ونقصه في محل رفع خبر ورجح أن يكون ذلك خبراً والمبتدأ محذوف تقديره الأمر ذلك. ٢ شاهده من قول الشاعر: والناس في قسم المنية بينهم كالزرع منه قائم وحصيد ٣ من شيء نكرة في سياق النفي ومؤكده بمن الزائدة فدل هذا على أن آلهتهم لم تدفع عضهم ما أراد الله بهم من الهلاك أدنى شيء. ٤ شاهده في قول لبيد: فلقد بليت وكل صاحب جدة يبلى يعود وذاكم التتبيب أي التخسير والتباب الهلاك والخسران. ٥ قوله وهي ظالمة الجملة في محل نصب حال من المفعول.