أنظر إلى الطائفة الثانية تجد الكلمتين:"قبلُ، وبعدُ" وهما ظرفان كما تعلم، وإذا تأملت معنى كل منهما في المثالين، أدركت أن هناك مضافاً إليه, محذوفاً لفظُه منويًّا معناه في نفس المتكلم، فإنك حين تقول:"ما رأيت مثل هذا الكتاب من قبلُ" تقصد من قبل رؤيته من غير أن تصرح بالمضاف إليه، وهذان الظرفان يبنيان على الضم في هذه الحال. وكذلك كل اسم مبهم حذف من بعده المضاف إليه لفظاً ونُوِيَ معناه كغَيْر، وأوَّل، وأسماء الجهات، فإذا ذُكر المضاف إليه بعد هذه المبهمات، أو حُذف ونُوي لفظه، أو حذف ولم يُنوَ لفظه ولا معناه، فإنها تكون معربة، تقول:"منحني أبي جائزة فله الشكر من قبلِ المنح ومن بعدِهِ"، أو من قبلِ ومن بعدِ, أو من قبلٍ ومن بعدٍ.
تأمل الاسمين "سِيبَوَيْهِ" و"خمَارَويْهِ" في المثالين الأخيرين تجدهما مختومين بكلمة "وَيْهِ"، ملازمين للكسر في جميع التراكيب التي يَرِدان فيها؛ فهما إذاً مبنيان على الكسر, ومثلهما في ذلك جميع الأسماء المختومة "بِوَيْهِ". ومن الأسماء المبنية على الكسر أيضاً كل ما جاء على وزن "فَعَالِ" علما لأنثى كرَقَاشِ وحَذَامِ، أو سبا لها كيَا خباثِ ويَا كذابِ، أو اسم فعل كنزالِ وتراكِ.
١ يستثني بعض النحاة من أسماء الإشارة ذين وتين، ومن الأسماء الموصولة اللذين واللتين؛ لأن هذه الألفاظ الأربعة في رأيه معربة إعراب المثنى. ٢ يستثنى من أسماء الشرط والاستفهام والأسماء الموصولة "أي" فإنها تعرب بالحركات إلا إذا كانت الموصولة مضافة وصدر صلتها محذوفا, فإنها حينئذ تُبْنَى على الضَّمِّ، نحو: جالس أيُّهُمْ أفْضَلُ.