وهم الذين قال الله فيهم:{مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}[الزمر: ٣] .
قال المسعودي: وهذا الصنف هم الذين حجوا إلى الأصنام وقصدوها ونحروا لها البدن ونسكوا لها النساك وأحلوا لها وحرموا١.
يقول الشهرستاني: وصنف منهم أقروا بالخالق وابتداء الخلق والإبداع، وأنكروا البعث والإعادة وهم الذين أخبر عنهم القرآن:{وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} ٢.
فاستدل عليهم بالنشأة الأولى إذ اعترفوا بالخلق الول. فقال عز وجل:{قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ} ٢، وقال:{أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ} ٤.
ومن العرب من يعتقد التناسخ فيقول: إذا مات الإنسان أو قتل اجتمع دم الدماغ وأجزاء بنيته وانتصب طيرا "هامة" فيرجع إلى رأس القبر كل مائة سنة وعلى هذا أنكر عليهم الرسول فقال:
"لا هامة ولا عدوى ولا صفر" ٥.
يقول الألوسي عند قوله تعالى:{نَمُوتُ وَنَحْيَا} : إعادة الروح لبدن آخر بطريق التناسخ وهو اعتقاد كثير من عبدة الأصنام٦.
ويقول الشهرستاني: وشبهات العرب كانت مقصورة على هاتين الشبهتين:
إحداهما: إنكار البعث؛ بعث الأنام.
والثانية: جحد البعث؛ بعث الرسل.
فعلى الأولى قالوا: أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون أو آباؤنا الأولون؟
١ مروج الذهب: ١: ٢٥. ٢ سور يس آية ٧٨. ٣ سورة يس آية ٧٩. ٤ سورة يس آية ١٥. ٥ سورة الجاثية آية ٢٤، وانظر روح المعاني ٩: ٦٩. ٦ سورة الصافات الآيتان ١٦، ١٧.