كأن المخاطب لما سمع قوله عليل، قال ما سبب علتك، فقال: سهر دائم وحزن طويل.
ب- وأما عن سبب خاص كقوله تعالى:{وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} ١، كأنه قيل: هل النفس أمارة بالسوء؟ فقيل: نعم إن النفس لأمارة بالسوء، وهذا يقتضي تأكيد الحكم الذي في جملة الجواب، كما سبق لك في أضرب الخبر، وعليه قول الشاعر:
يرى البخيل سبيل المال واحدة ... إن الكريم يرى في ماله سبلا
كأنه قيل: فماذا يرى الكريم من ماله، فقيل:"إن الكريم ... إلخ.
جـ- وأما عن غيرهما كقوله تعالى:{قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ} ٢، كأنه قيل: فماذ قال إبراهيم عليه السلام، فقيل: "قال سلام"، وعليه قوله:
زعم العواذل أنني في غمرة ... صدقوا ولكن غمرتي لا تنجلي٣
إذ مساق الكلام في إظهار الشكوى من العذال، وذلك مما يدعو السامع؛ لأن يسأل: أصدقوا أم كذبوا، فقيل: صدقوا.
وقد يحذف صدر الجواب، اسما كان أو فعلا، نحو:{يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ، رِجَالٌ} ٤، فيمن قرأه بالبناء للمفعول، كما قد يحذف الجواب كله ويقام ما يدل عليه مقامه كقول مساور بن هند يهجو بني أسد:
زعمتم أن إخوتكم قريش ... لهم إلف وليس لكم الإلف٥
١ سورة يوسف الآية: ٥٣. ٢ سورة الذاريات الآية: ٢٥. ٣ العواذل جمع عاذلة، يراد هنا جماعة عاذلة بدليل قوله صدقوا، والغمرة الشدة. ٤ سورة النور الآية: ٣٦. ٥ إيلاف في الرحلتين المعروفتين لهم في التجارة رحلة في الشتاء إلى اليمن ورحلة في الصيف إلى الشام، وبعده: أولئك أومنوا جوعا وخوفا ... وقد جاعت بنو أسد، وخافوا