وهذا وإن كان كذا, فإن العرب لَمْ تعرِفه بمثل مَا أتَت بِهِ الشريعة من الأعداد والمَواقيت والتَّحريم للصلاة، والتَّحليل منها. وكذلك القيام أصله عندهم الإمساكُ ويقول شاعرهم٤:
ثم زادت الشريعة النِّية، وحَظَرَت الأكلَ والمُباشَرَة وغير ذَلِكَ من شرائع الصوم. وكذلك الحَجُّ، لَمْ يكن عندهم فِيهِ غير القصد، وسَبْر الجِراح. من ذَلِكَ قولهم٥:
وأَشْهَدُ من عوفٍ حلُولاً كثيرةً ... يَحجُّون سِبَّ الزِّبرِقان المُزْعْفَرا
ثم زادت الشريعة مَا زادته من شرائط الحج وشعائره.
وكذلك الزِّكاة، لَمْ تكن العرب تعرفها إِلاَّ من ناحية النَّماءِ، وزاد الشرع مَا زاده فِيهَا مما لا وجه لإطالة الباب بذكره.
فالوجه فِي هَذَا إذَا سُئل الإنسان عنه أن يقول: فِي الصلاة اسمان لُغويٌّ وشرعيٌّ، ويذكر مَا كانت العرب تعرفه، ثُمَّ مَا جاءَ الإسلام بِهِ. وهو قياسُ مَا تركنا ذكرَه من سائر العلوم، كالنحو والعَروض والشِّعر, كل ذَلِكَ لَهُ اسمان لُغوي وصِناعيٌّ.
١ ديوانه: ٦٩. ٢ في الديوان: سجود النصارى لأحبارها. ٣ مجمل اللغة مادة "سجد" دون عزو. ٤ البيت للنابغة الذبياني كما في ديوانه: ٢١٧. والعجاج: الغبار والدخان. ٥ البيت للمخبل السعدي كما في المجمل مادة "حج".