النبي محمد بن عبد الله- صلوات الله وسلامه عليه- هو صفوة الله من خلقه، بل هو صفوة الصفوة، فالأنبياء- عليهم جميعا أفضل الصلاة والسلام- هم المصطفون الأخيار، وهو إمامهم وخاتمهم. وقد قال صلّى الله عليه وسلم:«أنا سيد ولد آدم» » .
فهو حامل الرسالة العالمية الخاتمة لجميع الرسالات، وهو اللبنة الأخيرة في صرح عقيدة التوحيد. فقد قال صلّى الله عليه وسلم:«إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتا فأحسنه وأجمله. إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له، ويقولون: هلّا وضعت هذه اللبنة؟» قال: «فأنا اللبنة»«٢» وفي رواية أخرى: «وأنا خاتم النبيين» .
ولقد وصف الله تعالى عددا من الأنبياء- عليهم الصلاة والسلام- ببعض الصفات، فقد وصف أبا الأنبياء إبراهيم عليه السّلام فقال: وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا [مريم: ٤١] وقال عن إسماعيل: وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولًا نَبِيًّا [مريم: ٥٤] ، وفي سورة الأنبياء يصف إسحاق ويعقوب بالصلاح والخيرية فيقول سبحانه وتعالى: وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ (٧٢) وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ [الأنبياء: ٧٢: ٧٣] ، ويصف لوطا وداود وسليمان بالعلم والحكمة فيقول: وَلُوطاً آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً [الأنبياء: ٧٤] ، ويقول سبحانه تعالى: وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ (٧٨) فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً [الأنبياء: ٧٨، ٧٩] ، ويصف إسماعيل وإدريس وذا الكفل بالصبر فيقول: وَإِسْماعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ [الأنبياء: ٨٥] .
وهكذا نرى الله تعالى يصف بعض أنبيائه ببعض الصفات النبيلة، لكنه في ختام السورة عندما يصف محمدا- عليه الصلاة والسلام- فإنه لا يصفه بصفة جزئية وإنما يجعله كله هداية إلهية إلى العالم، ورحمة لهذه الإنسانية «٣» .
(١) مسند الإمام أحمد بن حنبل (١/ ٥) . (٢) ابن حجر العسقلاني- فتح الباري شرح صحيح البخاري (٦/ ١٥٨) . (٣) انظر في ذلك البحث القيم الذي كتبه الأستاذ الدكتور عبد الحليم عويس بعنوان شخصية-