لهم السيرة مددا في جنبات الحياة ودروبها، وشعلة منيرة، يستضيئون بها ويفيئون إليها ويستريحون. ويوما قال الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، مما يدل على الرهافة والتعلق والحساسية: يا رسول الله إنا نكون عندك على حال، فإذا فارقناك كنا على غيره. قال:«كيف أنتم وربكم؟» قالوا: الله ربّنا في السر والعلن. قال:«ليس ذلك النفاق»«١» .
وكان هؤلاء الصحابة الكرام- رضوان الله عليهم- القدوة، يورثونها لمن بعدهم، ينشرون عطرها ويفيضون شذاها، وربّ العزة يقول في وصفهم:
وهكذا كان الرسول صلّى الله عليه وسلّم يتعهدهم ويرعاهم ويرتفع بهم. فلقد ورد عن حنظلة الكاتب «٢» ، أحد الصحابة الكرام، ومن كتّاب النبي صلّى الله عليه وسلم، أنه قال:
كنا عند النبي صلّى الله عليه وسلّم فذكّرنا الجنة والنار حتى كأنا رأي العين، فقمت إلى أهلي وولدي فضحكت ولعبت، فذكرت الذي كنا فيه، فخرجت فلقيت أبا بكر
(١) مسند أبي بكر البزار. (٢) عن حنظلة هذا (حنظلة بن الربيع الأسيدي) انظر: الاستيعاب، (١/ ٣٧٩) ، رقم (٥٤٨) . أسد الغابة، (٢/ ٦٥) . الإصابة، رقم (١٨٥٩) ويرد هذا بتفصيل أكثر.