صلى الله عليه وسلم:«اذهب إلى عائشة فقل لها: فلتبعث بالمكتل الذي فيه الطعام» ، قال: فأتيت إليها فقلت لها ما أمرني به رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقالت: هذا المكتل فيه تسع آصع شعير، لا والله إن أصبح لنا طعام غيره، خذه. فأخذته فأتيت به النبي صلّى الله عليه وسلّم وأخبرته بما قالت عائشة، فقال:«اذهب بهذا إليهم فقل:
ليصبح هذا عندكم خبزا وهذا طبيخا» ، فذهبت إليهم وذهبت بالكبش ومعي أناس من أسلم، فقلت: ليصبح هذا عندكم خبزا وهذا طبيخا، فقالوا: أما الخبز فسنكفيكموه، وأما الكبش فاكفونا أنتم، فأخذنا الكبش أنا وأناس من أسلم فذبحناه وسلخناه وطبخناه، فأصبح عندنا خبز ولحم، فأولمت ودعوت رسول الله صلّى الله عليه وسلم «١» .
[* العناية النبوية الحنون في رعاية الواقع الميمون:]
قصة ربيعة هذه الآخرى «٢» ، مليئة كذلك بالمعاني القوية، ذوات الإضاءة الناصعة، وهي عديدة، منها:
التدليل والتأييد والتأكيد لمعرفة الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم بالصحابة الكرام- رضوان الله عليهم- بدقائق أحوالهم وأغوار نفوسهم وبما هو يصلح لهم دنيا وأخرى، كما بينه ربيعة نفسه بقوله:(والله لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم بما يصلحني في الدنيا والآخرة أعلم مني) . بل وتصل هذه المعرفة الكريمة إلى أنه صلّى الله عليه وسلم يعرفهم معرفة تتجاوز كثيرا معرفتهم لأنفسهم «٣» ، وكذلك في مقدار الاهتمام
(١) مسند الإمام أحمد، (٤/ ٥٤) . كذلك: المعجم الكبير، الطبراني، (٥/ ٥٩) ، رقم (٤٥٧٨) . حياة الصحابة، (٢/ ٦٦٩- ٧٠٠) . «تراخ» : كانوا يأتونه قليلا. «ألطفوه» : قدموا له الهدايا. «بريدة بن الحصيب الأسلمي» : زعيم قبيلة أسلم. أسد الغابة، (١/ ٢٠٩) . سير أعلام النبلاء، (٢/ ٤٦٩) . طبقات ابن سعد، (٤/ ٢٤١) . وفي قصة زواج جليبيب ما هو شبيه بهذه. انظر حياة الصحابة، (٢/ ٦٧١) . (٢) سبق ذكر أمور متعددة عن ربيعة بن كعب. انظر: أعلاه، ص ١٠٠- ١٠٢، ١٣٢. (٣) وانظر كذلك: التفسير، (٢/ ٦٩٩) .