لم يُملك، فهو الموات "، فجعل المواتَ الذي يملك بالإحياء قسمين: أحدهما - لم يملكه أحد في الإسلام يعرف، وليس عليه عمارة في الجاهلية، والثاني - ما عليه عمارة في الجاهلية، فجعل المزني القسمين قسماً واحداً.
فصل
قال: " وسواء كان إلى جنب قرية عامرة، أو نهر ... إلى آخره " (١).
٥٥٧٤ - قصدَ الشافعي بذلك الردَّ على أبي حنيفة (٢)، حيث قال: " الموات الذي بقرب العمران [لا يملكه](٣) غير ملاّك العمران بالإحياء، ومالك العمران أحق بقدر صَيْحته (٤) منه في كل جانب ".
٥٥٧٥ - فأما عندنا، فالموات القريب من العمران والبعيد سواء، إذا لم يكن من حريم العمران وفِنائه، والحقوق المعدودة من حقوق الأملاك: كمسيل الماء، ومناخ الإبل، ومراح الغنم، ومتحدّث النادي، وملعب الصبيان، وسأجمع حقوقَ الأملاك في فصل -إن شاء الله تعالى- وهو من أهم مقاصد الكتاب.
٥٥٧٦ - والغرض الآن أن ما لا يتعلق بحقوق الأملاك من الموات يملكه من يبتدره بالإحياء. واحتج الشافعي عليه بأنه صلى الله عليه وسلم أقطع ابن مسعود موضعاً يقال له: "دور" وكان بين ظهراني عمارة الأنصار، فجاءه حيٌّ من بني زهرة يقال لهم: بنو عبد بن زهرة، فقالوا: نَكِّب عنَّا ابنَ أم عبد، قال صلى الله عليه وسلم: " فلم ابتعثني اللهُ إذاً، إن الله لا يقدس أمةً لا يؤخد للضعيف فيهم حقُّه" (٥). وأراد حقَّ
(١) ر. المختصر: ٣/ ١٠٣. (٢) ر. مختصر الطحاوي: ١٣٤، البدائع: ٦/ ١٩٤، تكملة فتح القدير: ٩/ ٢. (٣) في النسخ الثلاث: يملك. (٤) (د ١): حصته. وعبارة الإمام في الدرّة " بقدر مدى صوته " مما يؤكد صحة نسخة اصل، ومعها (ت ٣). (٥) حديث إقطاع النبي صلى الله عليه وسلم لابن مسعود رواه الشافعي في الأم: ٣/ ٢٦٨، ٢٧٣، ومن طريقه البيهقي: ٦/ ١٤٥، قال الحافظ: وهو مرسل، ووصله الطبراني في الكبير: ١٠/ ٢٧٤، ح١٠٥٣٤. (التلخيص: ٣/ ١٤٠ ح١٣٣٠).