فقيل: إنه - صلى الله عليه وسلم - كان لا ينام إلا بحرس، حتى نزلت هذه الآية، فأخرج - صلى الله عليه وسلم - رأسه من القبة فقال لهم:«أيها الناس انصرفوا عني فقد عصمنى ربي - عز وجل -»(١) .
وقيل: سبب نزولها ما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا نزل منزلاً اختار له أصحابه شجرة يقيل تحتها، فأتاه أعرابى أي: بعد ما نام تحت الشجرة فاخترط سيفه قال: من يمنعك مني؟ فقال:«الله» فارتعدت يد الأعرابى، وسقط سيفه وضرب برأسه الشجرة حتى سأل دماغه فنزلت هذه الآية (٢) .
وهذا الأعرابي اسمه:«غورث بن الحارث» كما ورد في ذلك الصحيح، وعفا عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرجع إلى قومه وقال: جئتكم من عند خير الناس.
وقيل: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخاف قريشاً فلما نزلت هذه الآية استلقى ثم قال:«من شاء فليخذلني»(٣) .
وروي أنه - صلى الله عليه وسلم - في غزوة غطفان نزل تحت شجرة فأتاه رجل اسمه:«دعثور بن الحارث» فاخترط سيفه فقال: من يمنعك مني؟ فقال:«الله» ، فسقط السيف من يده، فأسلم فلما رجع إلى قومه وكان سيدهم وأشجعهم فقالوا: أين ما كنت تقول إن أمكنني وقد أمكنك، فقال: إني نظرت إلى رجلٍ أبيضٍ دفع في صدري، فوقعت لظهري وسقط السيف، فعرفت أنه ملك فأسلمت، ونزل في ذلك كما قيل: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ? [المائدة: ١١](٤) .
ومما يدل على عصمته وحفظه من أعداءه ما ذكره عبد بن حميد قال: كانت حمالة الحطب وهي زوجة أبي لهب تضع «الغضاة» وهي جمر النار على طريق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان يطاؤها ولا يصيبه شيء.
وذكر ابن اسحاق عنها أنها لما بلغها ?تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ? [المسد: ١]
(١) أخرجه الترمذي (٥/٢٥١، رقم ٣٠٤٦) وقال: غريب. والحاكم (٢/٣٤٢، رقم ٣٢٢١) وقال: صحيح الإسناد. والبيهقي (٩/٨، رقم ١٧٥٠٨) عن عائشة. (٢) انظر: تفسير الطبري (٦/٣٠٨) . والقصة متفق عليها أخرجها البخاري) ٣/١٠٦٥، رقم ٢٧٥٣) ، ومسلم (١/٥٧٦، رقم ٨٤٣) عن جابر بن عبد الله. (٣) انظر: تفسير الطبري (٦/٣٠٨) . (٤) القصة بنحوها أخرجها البخاري) ٣/١٠٦٥، رقم ٢٧٥٣) ، ومسلم (١/٥٧٦، رقم ٨٤٣) عن جابر بن عبد الله.