الحنفية في فروعهم تصريحاً بتكفير من اعتقد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلم الغيب، لمعارضته قوله تعالى: ?قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ? [النمل: ٦٥] وقد وقع كثير مما أخبر به - صلى الله عليه وسلم - من المغيبات المستقبلة، فإن أردت تحقيق ذلك لديك فاستمع وتوجه إلى ما نتلو عليك فنقول:
مما أخبر به - صلى الله عليه وسلم - ووقع أنه أخبر قبل فتح مكة أن أصحابه تظهر على أهل مكة وتفتح لهم مكة وقد وقع ذلك.
ومنه: أنه أخبر عن أمته أنها تفترق على ثلاثة وسبعين فرقة الناجية منها واحدة وقد وقع ذلك.
ومنه: ما رواه عبد الله بن عباس قال كنت قاعداً عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ أقبل عثمان فلما دنى منه قال:«يا عثمان تقتل وأنت تقرأ سورة البقرة، تقع قطرة من دمك على فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم»(١) وقد وقع ذلك.
ومنه: أنه قال لفاطمة رضي الله عنها: «إنك أول بيتي لاحقة بي» فقالت: ونعم السلف أنا لك فكانت أول من مات بعده من أهل بيته (٢) .
ومنه: أنه قال - صلى الله عليه وسلم -: «إن عماراً تقتله الفئة الباغية»(٣) فقتله أصحاب معاوية.
ومنه: أنه خرج يوماً إلى أصحابه وفيهم أبو بكر وعمر وعلي وعمار وأبو ذر رضي الله عنهم وهو يبكي فقيل: ما يبكيك يا رسول الله؟ قال:«أخبرني جبريل أن ابني الحسين يقتل بعدي بأرض الطف، فجاءني بهذه التربة، وأخبرني أن فيها مضجعه»(٤) .
ومنه: أن أبي ابن خلف كان يلقي - صلى الله عليه وسلم - بمكة فيقول: يا محمد إن عندي العود فرساً أعلفه كل يوم فرقاً من ذرة أقتلك عليها، فيقول عليه الصلاة والسلام:«بل أنا أقتلك إن شاء الله» فحصل لهذا الملعون في عنقه خدش غير كبير، فاحتقن الدم فلما رجع إلى
(١) أخرجه الحاكم وصححه (٣/١١٠، رقم ٤٥٥٥) . (٢) متفق عليه أخرجه البخاري (٣/١٣٢٦، رقم ٣٤٢٦) ، ومسلم (٤/١٩٠٥، رقم ٢٤٥٠) عن عائشة. (٣) أخرجه مسلم (٤/٢٢٣٦، رقم ٢٩١٦) ، وابن أبي شيبة (٧/٥٤٨، رقم ٣٧٨٥١) ، والنسائي في الكبرى (٥/١٥٥، رقم ٨٥٤٣) ، وإسحاق بن راهويه (١/١١٠، رقم ٦٣) عن أم سلمة. (٤) أخرجه الطبراني في الكبير (٣/١٠٧، رقم ٢٨١٤) عن عائشة، قال الهيثمي (٩/١٨٨) : فيه ابن لهيعة.