وها هنا فوائد بعضها مستفاد من الحديث والبعض الآخر بطريق المناسبة:
الأولى: الكفر قد يطلق على غير الكفر بالله بأن يراد كفر النعمة أي: إنكارها ودليل هذه الفائدة من الحديث قوله: «يكفرن العشير. ويكفرن الإحسان» ويؤخذ منه صحة تأويل الكفر في أحاديث بكفر النعمة والحقوق كقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض»(١) المعنى: لا ترجعوا بعدي كفاراً للنعمة والحقوق.
ومثله قوله - صلى الله عليه وسلم -: «أيما عبد أبق من مواليه فقد كفر حتى يرجع إليهم. فقد كفر حقهم ونعمتهم»(٢) .
الثانية: ينبغي لولي الأمر وأصحاب الولايات وكبار السن أن يعظوا رعاياهم واتباعهم. ويحذروهم من المخالفات لأوامر الله تعالى ونواهيه. ويحرضوهم على الطاعات.
الثالثة: للمتعلم أن يراجع العالم فيما سمعه منه إذا لم يظهر له معناه ليبينه له.
الرابعة: دل الحديث المذكور على أن كفران الحقوق. وجحد الإحسان حرام معدود من كبائر الذنوب. ويدل على ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توعد من فعل ذلك بالنار. فجحد المرأة إحسان زوجها عليها. كأن قالت: ما رأيت منك خيراً قط. حرام معدود من كبائر الذنوب.
(١) أخرجه البخاري في صحيحه (١/٥٦. رقم ١٢١) . ومسلم في صحيحه (١/٨١. رقم ٦٥) عن جرير. وأخرجه البخاري في صحيحه (٦/٢٥١٨. رقم ٦٤٧٤) . وأبو داود في سننه (٤/٢٢١. رقم ٤٦٨٦) . والنسائي في سننه (٧/١٢٦. رقم ٤١٢٥) . وابن ماجه في سننه (٢/١٣٠٠. رقم ٣٩٤٣) عن ابن عمر. وأخرجه البخاري في صحيحه (٦/٢٥٩٣. رقم ٦٦٦٧) . والنسائي في سننه (٧/١٢٧. رقم ٤١٣٠) عن أبي بكرة. وأخرجه البخاري في صحيحه (٢/٦١٩. رقم ١٦٥٢) . والترمذي في سننه (٤/٤٨٦. رقم ٢١٩٣) عن ابن عباس. وقال: حسن صحيح. (٢) أخرجه مسلم في صحيحه (١/٨٣. رقم ٦٨) . وأحمد في مسنده (٤/٣٦٥. رقم ١٩٢٦٣) . والطبراني في المعجم الكبير (٢/٣٢٠. رقم ٢٣٣٢) . والبيهقي في شعب الإيمان (٦/٣٨٢. رقم ٨٥٩٦) جميعاً عن جرير.