وحقيقته سبحانه وتعالى مخالفة لسائر الحقائق، فلا يشاركه شيء في ذاته ولا صفاته ولا أفعاله.
واختلف العلماء هل حقيقته معلومة للناس في الدنيا؟
فقال المحققون: إنها ليست معلومة في الدنيا، قال الرازي: وكلام الصوفية يشعر به، ولهذا قال الجنيد: والله ما عرف الله إلا الله، وإذا كان الإنسان لم يدرك حقيقة نفسه فكيف يدرك حقيقة خالقه كما قيل:
حقيقة المرء ليس يدركها ... فكيف كيفية الجبار في القدم
وأما حديث:«من عرف نفسه فقد عرف ربه»(١)
فلم يصح ولم يثبت كما قاله النووي في فتاويه، وهو من كلام يحيى بن معاذ الرازي لا من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -.
واختلف العلماء في معناه على أقوال، فقال النووي: معناه من عرف نفسه بالضعف والافتقار إلى الله والعبودية له، عرف ربه بالقوة والقهر والربوبية والكمال المطلق والصفات العليا.
(١) ذكره الهروي في المصنوع (ص:١٨٩) وقال: قال ابن تيمية: موضوع. وقال العجلوني في كشف الخفاء (٢/٣٤٣) : قال ابن تيمية: موضوع، وقال النووي قبله: ليس بثابت، وقال أبو المظفر بن السعاني في القواطع: أنه لا يعرف مرفوعاً، وإنما يحكى عن يحيى بن معاذ الرازي يعني من قوله، وقال ابن الغرس بعد أن نقل عن النووي أنه ليس بثابت قال: لكن كتب الصوفية مشحونة به يسقونه مساق الحديث كالشيخ محي الدين بن عربي وغيره، قال: وذكر لنا شيخنا الشيخ حجازي الواعظ شارح الجامع الصغير للسيوطي بأن الشيخ محي الدين بن عربي معدود من الحفاظ، وذكر بعض الأصحاب أن الشيخ محي الدين قال: هذا الحديث وإن لم يصح من طريق الرواية فقد صح عندنا من طريق الكشف. وللحافظ السيوطي فيه تأليف لطيف سماه: «القول الأشبه في حديث من عرف نفسه فقد عرف ربه» . وقال النجم: قلت: وقع في أدب الدين والدنيا للمارودي عن عائشة سئل النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من أعرف الناس بربه قال أعرفهم بنفسه» .