فسلكه فانتهى إلى البراءة، وما كان ذلك ليكون إلا من صبور حكيم متدبر يغلّب العقل والفكر فى وقت تطيش فيه الأفهام، وتجيش فيه العواطف، ولكن النفس، نفس محمد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، تسيطر عليها الحكمة دائما. وإن صبر النبى صلّى الله عليه وسلّم فى البأساء والضراء وحين البأس، كان صبر من يتوقع البلاء قبل أن يقع، فعبّد نفسه لقوة الاحتمال، وقد أخبره الله تعالى بما سينزل به وبالمؤمنين ليصبروا فقال تعالى:
وقال سبحانه وتعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا، وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ «٤» .
فكان الصبر الاختيارى من غير شكوى ولا أنين عدته فى تبليغ رسالة ربه، وقد تربى عليها قبل البعثة، وكان قوته بعدها.
[العادل]
١٦٠- الأمانة والعدل صنوان متلازمان، فلا يمكن أن يكون الأمين غير عادل، ولا أن يكون العادل غير أمين، لأن الأمانة مراعاة الإنسان لحق غيره، لا ينكره ولا يجحده، والعدالة، تبتديء من انتصاف الإنسان من نفسه، ولذلك قرن الله سبحانه وتعالى طلب أداء الأمانات بالعدالة فى الحكم، فقال تعالى: