النار " فهنالك يظهر فيهم ما علمه الله سبحانه، ويجزيهم على ما ظهر من العلم، وهو إيمانهم وكفرهم، لا على مجرد العلم "(١) .
الأدلة العقلية على أن الله علم مقادير الخلائق قبل خلقهم:
والحق أن وجود هذا الكون، ووجود كل مخلوق فيه يدلَُ دلالة واضحة على أن الله علم به قبل خلقه، " فإنه يستحيل إيجاده الأشياء مع الجهل، لأن إيجاده الأشياء بإرادته، والإرادة تستلزم تصور المراد، وتصور المراد هو العلم بالمراد، فكان الإيجاد مستلزماً للإرادة، والإرادة مستلزمة للعلم، فالإيجاد مستلزم للعلم "(٢) .
وأيضاً فإن " المخلوقات فيها من الأحكام والإتقان ما يستلزم علم الفاعل لها، لأن الفعل المحكم المتقن يمتنع صدوره عن غير علم "(٣) .
واستدل العلماء على علمه تبارك وتعالى بقياس الأولى:" فالمخلوقات فيها ما هو عالم، والعلم صفة كمال، ويمتنع أن لا يكون الخالق عالماً ".
والاستدلال بهذا الدليل له صيغتان:
أحدهما: أن يقال: نحن نعلم بالضرورة أن الخالق أكمل من المخلوق، وأن الواجب أكمل من الممكن، ونعلم ضرورة أنا لو فرضنا شيئين:
أحدهما عالم والآخر غير عالم، كان العالم أكمل، فلو لم يكن الخالق عالماً لزم أن يكون الممكن أكمل منه، وهو ممتنع.
(١) مجموع فتاوى شيخ الإسلام: ٤/٢٤٦. (٢) شرح الطحاوية: ص١٤٨. (٣) شرح الطحاوية: ص١٤٨.