وغلب على الصحابة رضي الله عنهم علم نقل اللفظ القراني لأنه مادة البلاغ الأصلية حتى قال فيهم المنافقون: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونا، ولا أكذب ألسنا، ولا أجبن عند اللقاء «١» .
ومن هذا الباب:«أن القارئ لا يكون قارئا إلا مع فهم القران» قال ابن زيد في قوله: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (النحل: ٤٣) : «الذكر القران» وقرأ: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (الحجر: ٩) ، وقرأ:
فقد دخل في معنى قوله صلّى الله عليه وسلم:«خيركم من تعلم القران وعلمه»«تعليم حروفه ومعانيه جميعا، بل تعلم معانيه هو المقصود الأول بتعليم حروفه، وذلك هو الذي يزيد الإيمان»«٣» .
صفة أئمة الإقراء من أصحابه رضي الله عنهم: وهذه صفة تلاميذه (أصحابه) من القراء فقد كانوا أعلم الناس بالعلوم الشرعية فعن عبد الله بن مسعود قال: من تعلم القران فليتعلم الفرائض ولا يكن كرجل لقيه أعرابي فقال له: يا عبد الله أعرابي أم مهاجر؟ فإن قال: مهاجر. قال: إنسان من أهلي مات فكيف نقسم ميراثه فإن علم كان خيرا أعطاه الله إياه وإن قال لا أدري قال فما فضلكم علينا؟
أنكم تقرؤون القران ولا تعلمون الفرائض «٤» ، وقال أبو موسى رضي الله عنه: من علم القران ولم يعلم الفرائض فإنّ مثله مثل البرنس لا وجه له أو ليس له وجه «٥» .
(١) ابن كثير (٢/ ٣٦٢) ، مرجع سابق. (٢) الطبري (١٤/ ١٠٩) ، مرجع سابق. (٣) ابن تيمية (١٣/ ٤٠٣) ، مرجع سابق. (٤) سنن البيهقي الكبرى (٦/ ٢٠٩) ، مرجع سابق. (٥) الدارمي (٢/ ٤٤١) ، مرجع سابق.