فقال ابن القرية: اسمع منى ثلاث كلمات، تكن بعدي مثلا.
قال: هات.
قال: لكل جواد كبوه، ولكل حليم هفوة، ولكل شجاع نبوه.
فوضع الحجاج الحربه في ثندوه ابن القرية، ودفعها حتى خالطت جوفه، ثم خضخضها [١] ، وأخرجها، فاتبعها دم اسود.
فقال الحجاج:
هكذا تشخب أوداج الإبل.
وفحص ابن القرية برجليه وشخص بصره، وجعل الحجاج ينظر اليه حتى قضى.
فحمل في النطع [٢] .
لله درك يا ابن القرية، اى ادب فقدنا منك، واى كلام رصين سمعنا منك.
ودخل بعد ذلك انس بن مالك.
فقال له الحجاج:
هيه يا انس، يوما مع المختار، ويوما مع ابن الاشعث، جوال في الفتن، والله لقد هممت ان اطحنك طحن الرحى بالثفال [٣] ، واجعلك غرضا للنبال.
قال انس: من يعنى الأمير؟ اصلحه الله.
قال: إياك اعنى، اسك الله سمعك.
فانصرف انس الى منزله، وكتب من ساعته الى عبد الملك بن مروان:
بسم الله الرحمن الرحيم، لعبد الله عبد الملك امير المؤمنين من انس بن مالك،
[١] الخضخضة: تحريك الماء.[٢] النطع: بساط من الأديم.[٣] الثفال ككتاب الحجر الأسفل من الرحى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute