ثم وجه الحجاج بن يوسف لمحاربه عبد الله بن الزبير، وعزل قدامه بن مظعون، فسار الحجاج حتى نزل الطائف، واقام شهرا.
ثم كتب الى عبد الملك: انك يا امير المؤمنين متى تدع ابن الزبير يعمل فكره، ويستجيش ويجمع انصاره، وتثوب اليه فلاله كان في ذلك قوه له، فائذن في معاجلته لي.
فاذن له.
فقال الحجاج لأصحابه: تجهزوا للحج.
وكان ذلك في ايام الموسم.
ثم سار من الطائف حتى دخل مكة، ونصب المنجنيق على ابى قبيس [١] .
فقال الاقيشر الأسدي:
لم أر جيشا غر بالحج مثلنا ... ولم أر جيشا مثلنا غير ما خرس
دلفنا لبيت الله نرمي ستوره ... باحجارنا زفن الولائد في العرس [٢] .
دلفنا له يوم الثلاثاء من منى ... بجيش كصدر الفيل ليس بذى راس
واستعمل الحجاج على المنجنيق ابن خزيمة [٤] ، فجعل يرمى اهل المسجد ويقول:
خطاره مثل الفنيق الملبد ... نرمي بها عواذ اهل المسجد [٥]
[١] ابو قبيس جبل بمكة سمى باسم رجل من مذحج حداد، لأنه أول من بنى فيه. [٢] زفن كضرب: رقص. [٣] السباسب هي ايام السعانين، والسعانين، او الشعانين: عيد للنصارى قبل عيد الفصح باسبوع، يخرجون فيه بصلبائهم. [٤] الخثعمى [٥] الخطاره: المقلاع والمنجنيق، والفنيق الفحل المكرم.