وحين أخزى اللهُ الأحزابَ، أتى وقتُ حساب بني قريظة:
عن عائشة - رضي الله عنها - قالت:"لَمَّا رَجع النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - من الخندق ووَضَع السلاحَ واغتَسَل، أتاه جبريلُ عليه السلام، فقال: قد وضعتَ السلاح! واللهِ ما وضعناه، فاخرجْ إليهم. قال: "فإلى أين"؟ قال: ها هنا -وأشار إلى قريظة-، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم"(١).
وكان توجُّهُ النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم لسبع بَقِينَ من ذي القَعدة، وأنه خرج إليهم في ثلاثةِ آلاف (٢).
وعن أنسٍ - رضي الله عنه - قال:"كأني انظر إلى الغُبار ساطعًا (٣) في زُقاقِ بني غَنْم، مَوْكب جبريل حين سار رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بني قرِيظة"(٤).
وعن عُبيدِ الله بنِ كعب:"أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا رجع من طَلَبِ الأحزاب وجَمَع عليه اللأْمَةَ واغتسل واستجمر، تَبدَّى له جبريلُ، فقال: عذيرك من مُحارب، فوثب فَزِعًا، فعَزَم على الناس ألاَّ يُصلُّوا العصرَ حتى يأتوا بني قريظة، فلَبسَ الناسُ السلاحَ، فلم يأتوا بني قريظة حتى غربتِ الشمسُ، قال: فاختصموا عند غروب الشمس، فصلَّتْ طائفةٌ العصرَ، وتركتها طائفةٌ، وقالت: إنا في عَزْمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فليس علينا إثمٌ، فلم يُعنِّف واحدًا من الفريقين"(٥).
(١) رواه البخاري في "صحيحه" -كتاب المغازي- بادٍ مرجع النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأحزاب ومخرجه إلى بني قريظة حديث (٤١١٧). (٢) "فتح الباري" (٧/ ٤٧١). (٣) ساطعًا: مرتفعًا. (٤) رواه البخاري (٧/ ٤٧٠) "فتح" حديث رقم (٤١١٨). (٥) أخرجه الطبراني والبيهقي بإسناد صحيح عن عبيد الله بن كعب، وأخرجه الطبراني =