قَالَ: عَبْدُ اللَّهِ جَرِّدُوا الْقُرْآنَ. وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " يَضَعُ قَدَمَهُ ". نُؤْمِنُ بِهِ وَلَا نَحُدُّهُ وَلَا نَرُدُّهُ عَلَى رَسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ نُؤْمِنُ بِهِ.
قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: ٧] فَقَدْ أَمَرَنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالْأَخْذِ بِمَا جَاءَ وَالنَّهْيِ عَمَّا نَهَى. وَأَسْمَاؤُهُ وَصِفَاتُهُ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ، وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الزَّلَلِ وَالِارْتِيَابِ وَالشَّكِّ إنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٌ قَدِيرٌ، قَالَ الْخَلَّالُ: وَنَادَانِي أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ الْجَبَلِيِّ مِنْ حَنْبَلٍ فِي هَذَا الْكَلَامِ وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: ٢٥٥] {لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ} [الحشر: ٢٣] هَذِهِ صِفَاتُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَسْمَاؤُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.
وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ إنِّي أَجِدُ فِي الْقُرْآنِ أَشْيَاءَ تَخْتَلِفُ عَلَيَّ. قَالَ: {فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ} [المؤمنون: ١٠١] {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} [الصافات: ٢٧] ، {وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} [النساء: ٤٢] {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: ٢٣] . فَقَدْ كَتَمُوا فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَقَالَ {أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا} [النازعات: ٢٧]- إلَى قَوْلِهِ - {دَحَاهَا} [النازعات: ٣٠] فَذَكَرَ خَلْقَ السَّمَاءِ قَبْلَ خَلْقِ الْأَرْضِ، ثُمَّ قَالَ: {أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} [فصلت: ٩]- إلَى - {طَائِعِينَ} [فصلت: ١١] فَذَكَرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ خَلْقَ الْأَرْضِ قَبْلَ السَّمَاءِ وَقَالَ: {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: ٩٦] {عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء: ٥٦] {سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء: ٥٨] فَكَأَنَّهُ كَانَ ثُمَّ مَضَى. فَقَالَ لَا أَنْسَابَ فِي النَّفْخَةِ الْأُولَى {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} [الزمر: ٦٨] فَلَا أَنْسَابَ عِنْدَ ذَلِكَ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ. فِي النَّفْخَةِ الْآخِرَةِ أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: {مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: ٢٣] {وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} [النساء: ٤٢] . فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ لِأَهْلِ الْإِخْلَاصِ ذُنُوبَهُمْ قَالَ الْمُشْرِكُونَ تَعَالَوْا نَقُلْ لَمْ نَكُنْ مُشْرِكِينَ فَخَتَمَ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ فَتَنْطِقُ أَيْدِيهِمْ فَعِنْدَ ذَلِكَ عَرَفُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يُكْتَمُ حَدِيثًا وَعِنْدَهُ {يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: ٤٢] الْآيَةَ، وَخَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاءَ، ثُمَّ اسْتَوَى إلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ فِي يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ ثُمَّ دَحَا الْأَرْضَ وَدَحَاهَا أَنْ أَخْرَجَ مِنْهَا الْمَاءَ وَالْمَرْعَى وَخَلَقَ الْجِبَالَ وَالْآكَامَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ فَخُلِقَتْ الْأَرْضُ وَمَا فِيهَا مِنْ شَيْءٍ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَخُلِقَتْ السَّمَاوَاتُ فِي يَوْمَيْنِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا سَمَّى نَفْسَهُ ذَلِكَ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ إنِّي لَمْ أَزَلْ كَذَلِكَ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا إلَّا أَصَابَ فِيهِ الَّذِي أَرَادَ فَلَا يَخْتَلِفُ عَلَيْك الْقُرْآنُ فَإِنَّ كُلًّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مُخْتَصَرًا وَرَوَاهُ الْبَرْقَانِيُّ فِي صَحِيحِهِ مِنْ الطَّرِيقِ الَّذِي أَخْرَجَهَا الْبُخَارِيُّ بِعَيْنِهَا مِنْ طَرِيقِ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ بِعَيْنِهِ بِأَلْفَاظِهِ التَّامَّةِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute