ولما أدركت الشيخوخة وأمراضها أبا عثمان الجاحظ الأديب المشهور، كان ينشد هذين البيتين متحسرا متألما من تقاعد الضعف والكبر والمرض به:
أترجو أن تكون وأنت شيخ ... كما قد كنت أيام الشباب
لقد كذبتك نفسك ليس ثوب ... دريس كالجديد من الثياب (١)
[لا تكن سبهللا في أمر الدنيا أو أمر الدين]
فالعاقل الموفق من يملأ كل لحظة وثانية من حاضر عمره ووقته بفائدة أو عمل صالح، وقد كره سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه التعطل والبطالة وإضاعة الزمن سدى! فقال: إني لأكره أن أرى أحدكم سبهللا - أي فارغا - لا في عمل دنيا ولا في عمل آخرة!
[الوقت أغلى مملوك وأرخص مضيع!]
ورحم الله الوزير الصالح والعلامة الفقيه الأديب الأريب: يحيى بن هبيرة، البغدادي الحنبلي، المولود سنة ٤٤٩، والمتوفي سنة ٥٦٠، شيخ الإمام ابن الجوزي، إذ يقول (٢):
والوقت أنفس ما عنيت بحفظه ... وأراه أسهل ما عليك يضيع!
[مقالة للأستاذ أحمد أمين في حفظ الوقت وآثار ضياعه]
وقد وقفت على مقالة للأستاذ أحمد أمين الكاتب الأديب المصري، المتوفي سنة ١٣٧٣، بعنوان (أوقات الفراغ)، أوردها في كتابه ((فيض
(١) دريس: بال. والبيتان من ترجمته في ((تاريخ بغداد)) للخطيب البغدادي ٢١٩:١٢. (٢) كما في ترجمته الحافلة في ((ذيل طبقات الحنابلة)) للحافظ ابن رجب ٢٨١:١.