فمن أخلص أعماله لله، متّبعاً في ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فهذا الذي عمله مقبول، ومن فقد الإخلاص، والمتابعة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو أحدهما فعمله مردود داخل في قوله تعالى:{وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا}(١)، ومن جمع الأمرين فهو داخل في قوله - عز وجل -: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ}(٢)، وفي قوله تعالى:{بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}(٣)، فحديث عمر - رضي الله عنه -: ((إنما الأعمال بالنيات)) ميزان للأعمال الباطنة، وحديث عائشة رضي الله عنها:((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) ميزان للأعمال الظاهرة، فهما حديثان عظيمان يدخل فيهما الدين كلّه: أصوله، وفروعه، ظاهره وباطنه، أقواله، وأفعاله (٤).
وقد تكلّم الإمام النووي على حديث عائشة رضي الله عنها كلاماً نفيساً، قال فيه:((قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ))، وفي الرواية الثانية:((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردّ))،قال أهل العربية: الردّ هنا بمعنى المردود، ومعناه: فهو باطل غير معتدٍّ به، وهذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام، وهو من جوامع كلمه - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنه صريح في ردِّ كل البدع، والمخترعات (٥)،وفي الرواية الثانية زيادة وهي: أنه
(١) سورة الفرقان، الآية: ٢٣. (٢) سورة النساء، الآية: ١٢٥. (٣) سورة البقرة، الآية: ١١٢. (٤) انظر: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار، للسعدي، ص ١٠. (٥) المخترعات: أي في الدين.