رسوله بالجهر بالدعوة فجهروا بها، ولاقوا من الأذى ما هو معروف بين المسلمين (١).
[المطلب الثاني: مواقفه - صلى الله عليه وسلم - في مرحلة الدعوة الجهرية بمكة:]
أمر اللَّه نبيه بإنذار عشيرته الأقربين، فقال - عز وجل -: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ، وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ}(٢).
فقام رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - بتنفيذ أمر ربه بالجهر بالدعوة والصدع بها، وإنذار عشيرته، فوقف مواقف حكيمة أظهر اللَّه بها الدعوة الإسلامية، وبين بها حكمة النبي - صلى الله عليه وسلم - وشجاعته، وصبره وإخلاصه للَّه رب العالمين، وقمع بها الشرك وأهله، وأذلهم إلى يوم الدين. ومن هذه المواقف الحكيمة ما يأتي:
[(أ) موقفه الحكيم في صعوده على الصفا ونداؤه العام]
عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: لما نزلت {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} صعد النبي - صلى الله عليه وسلم - على الصفا فجعل ينادي:((يا بني فهر، يا بني عدي)) - لبطون قريش - حتى اجتمعوا، فجعل الرجل إذا لم يستطع أن
(١) انظر: الرحيق المختوم، ص٧٥، والتاريخ الإسلامي، لمحمود شاكر، ٢/ ٦٢، وهذا الحبيب يا محب، ص٩٩. (٢) سورة الشعراء، الآيات: ٢١٤ - ٢١٦.