قال الإمام النووي رحمه الله:((لتأخذوا مناسككم ... )) فهذه اللام لام الأمر، ومعناه خذوا مناسككم، وهكذا وقع في رواية غير مسلم، وتقديره: هذه الأمور التي أتيت بها في حجتي: من الأقوال، والأفعال، والهيئات، هي أمور الحج وصفته، وهي مناسككم، فخذوها عني، واقبلوها، واحفظوها، واعملوا بها، وعلِّموها الناس، وهذا الحديث أصل عظيم في مناسك الحج، وهو نحو قوله - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة:((صلوا كما رأيتموني أصلي)) (٢)، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لعلي لا أحج بعد حجتي هذه)) فيه إشارة إلى توديعهم، وإعلامهم بقرب وفاته - صلى الله عليه وسلم -، وحثهم على الاعتناء بالأخذ عنه، وانتهاز الفرصة من ملازمته، وتعلم أمور الدين، وبهذا سميت حجة الوداع، والله أعلم)) (٣).
الدليل الثالث: حديث ابن عباس رضي الله عنهما، قال:((كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرمي الجمار إذا زالت الشمس)) (٤).
الدليل الرابع: حديث عائشة رضي الله عنها حين ذكرت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طاف طواف الإفاضة، قالت: (( ... ثم رجع إلى منى فمكث بها لياليَ أيام
(١) ابن ماجه، كتاب المناسك، باب الوقوف بجمع، برقم ٣٠٢٣، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه، ٣/ ٤٧. (٢) البخاري، كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة وكذلك بعرفة، برقم ٧٨٥. (٣) شرح النووي على صحيح مسلم، ٩/ ٥٠. (٤) الترمذي، كتاب الحج باب ما جاء في الرمي بعد الزوال، برقم ٨٩٨، وصححه الألباني في صحيح الترمذي، ١/ ٤٦٣.