ولا شك أن الله تعالى أعز الإسلام بعمر بن الخطاب - رضي الله عنه -؛ ولهذا قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: ((ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر)) (١).
وما فعله أمير المؤمنين عمر - رضي الله عنه - في هذا التأديب العظيم الحكيم لأهله: من أعظم مواقف التربيةالحكيمة بالقوة؛ لأن الناس ينظرون إلى المربِّي والداعية، ومدى تطبيقه العملي والقولي لما يدعو إليه، كما ينظرون إلى تطبيقه ذلك على أهله ومن تحت يده (٢).
ثانياً: أسباب استخدام القوة في التأديب مع عصاة المسلمين:
كما أن من الحكمة في الدعوة إلى الله استخدام القوة مع الكفار عند الحاجة إليها؛ فإن مراتب الدعوة والتأديب بحسب مراتب البشر، قال الله تعالى:{ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}(٣) وقال تعالى: {وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ}(٤).فعُلِمَ بذلك أن مراتب الدعوة إلى الله بحسب مراتب البشر: أربع مراتب:
المرتبة الأولى الحكمة: وتكون للمستجيب الذكي القابل للحق الذي لا يعاند، فهذا يُبيَّن له الحق: علماً، وعملاً، واعتقاداً؛ فإنه يقبله ويعمل به.
(١) البخاري، كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب عمر، (برقم ٣٦٨٤)، وكتاب مناقب الأنصار (برقم ٣٨٦٣). (٢) الحكمة في الدعوة إلى الله، للمؤلف، (ص ٣٥٦ - ٣٥٧). (٣) سورة النحل، الآية: ١٢٥. (٤) سورة العنكبوت، الآية: ٤٦.