قد ذكر العلماء رحمهم الله تعالى شروطاً للجهاد، منها ما ذكره الإمام ابن قُدامة رحمه الله تعالى بقوله:((ويشترط لوجوب الجهاد سبعة شروط: الإسلام، والبلوغ، والعقل، والحُرِّيّة، والذُّكورية، والسلامة من الضرر، ووجود النفقة))، ثم شرح ذلك بالتفصيل والتحقيق رحمه الله تعالى (١).
سابعاً: استئذان الوالدين في الخروج إلى الجهاد:
لا شكَّ أن برَّ الوالدين أفضل الأعمال بعد الصلاة التي هي أعظم دعائم الإسلام؛ لأن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر بذلك، ورتَّبه بثمَّ التي تعطي الترتيب والمُهلة (٢)، فعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -، قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أيُّ العمل أفضل؟ قال:((الصلاة لوقتها))، قال: قلت: ثم أيُّ؟ قال:((ثم بر الوالدين))، قال: قلت: ثم أيُّ؟ قال:((ثم الجهاد في سبيل الله)) (٣)؛ ولأهمية بر الوالدين، وأنه من أعظم القربات، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لمن استأذنه في الجهاد:((أحيٌّ والداك؟)) قال: نعم، قال:((ففيهما فجاهد)) (٤)، أي خصصهما بجهاد النفس في رضاهما (٥)، وقد بيَّن الحافظ ابن حجر رحمه الله: أن هذا الرجل استفصل (( ... عن الأفضل في أعمال الطاعات؛ ليعمل به؛ لأنه سمع فضل الجهاد فبادر
(١) المغني لابن قدامة، ١٣/ ٨. (٢) انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، ١٠/ ٢٤٣. (٣) متفق عليه: أخرجه البخاري، في كتاب مواقيت الصلاة، باب فضل الصلاة لوقتها، برقم ٥٢٧، ومسلم، في كتاب الإيمان، باب كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال، برقم ٨٥. (٤) متفق عليه: أخرجه البخاري، في كتاب الجهاد، باب الجهاد بإذن الأبوين، برقم ٣٠٠٤، ومسلم، في كتاب البر والصلة والآداب، باب بر الوالدين وأنهما أحق به، برقم ٢٥٤٩. (٥) انظر: فتح الباري لابن حجر، ٦/ ١٤٠.