فَقِيلَ: المُرَادُ بِالزِّيَادَةِ فِي العُمُرِ: السَّعَةُ (١) فِي الرِّزْقِ وَاليَسَارُ وَالزِّيَادَةُ فِيهِ؛ لأَنَّ الفَقْرَ مَوْتٌ؛ كَمَا فِي الآثَارِ: إِنَّ اللهَ - تَعَالَى - أَعْلَمَ مُوسَى ﵇ بِأَنَّهُ يُمَوِّتُ عَدُوَّهُ، ثُمَّ رَآهُ - بَعْدَ ذَلِكَ - يَنْسِجُ الخُوصَ (٢)، فَقَالَ: يَا رَبِّ! وَعَدْتَنِي أَنْ تُمِيتَهُ! قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ ذَلِكَ؛ لأَنِّي أَفْقَرْتُهُ (٣).
قُلْتُ: وَفِي هَذَا الجَوَابِ نَظَرٌ؛ لأَنَّ السَّعَةَ فِي الرِّزْقِ أَمْرٌ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ فِي الأَزَلِ - كَالعُمُرِ -.
وَقِيلَ: المُرَادُ بِالزِّيَادَةِ فِي العُمُرِ: نَفْيُ الآفَاتِ عَنْهُمْ، وَالزِّيَادَةُ فِي أَفْهَامِهِمْ وَعُقُولِهِمْ وَبَصَائِرِهِمْ.
وَفِي «تَفْسِيرِ الخَازِنِ»: «وَأَجَابَ العُلَمَاءُ عَمَّا وَرَدَ فِي الحَدِيثِ: «صِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي العُمُرِ» (٤) بِأَجْوِبَةٍ، الصَّحِيحُ مِنْهَا: أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ تَكُونُ بِالبَرَكَةِ فِي عُمُرِهِ بِالتَّوْفِيقِ لِلطَّاعَاتِ، وَعِمَارَةِ أَوْقَاتِهِ، وَصِيَانَتِهَا عَنِ الضَّيَاعِ - وَغَيْرِ ذَلِكَ -» (٥).
(١) بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِهَا، وَالضَّبْطُ الأَوَّلُ هُوَ الأَصْلُ، وَالثَّانِي لُغَةٌ فِيهَا.(٢) (الخُوصُ): بِضَمِّ الخَاءِ، وَهُوَ وَرَقُ النَّخْلِ - وَمَا شَاكَلَهُ -.(٣) لَمْ أَظْفَرْ بِسَنَدِهِ، وَأَوْرَدَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي «تَأْوِيلِ مُخْتَلَفِ الحَدِيثِ» (ص ٢٩٣)، وَفِي رِوَايَةٍ: قِيلَ لِمُوسَى: إِنَّ هامَانَ قَدْ مَاتَ، فَلَقِيَهُ، فسألَ رَبَّه، فَقَالَ لَهُ: أَمَا تَعْلَمُ أنَّ مَن أَفْقَرْتُهُ فَقدْ أَمَتُّهُ؟!، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ أَوْرَدَهَا ابْنُ الأَثِيرِ فِي «النِّهَايَةِ فِي غَرِيبِ الحَدِيثِ» (٤/ ٣٦٩)، وَلَمْ أَظْفَرْ بِسَنَدِهَا - أَيْضًا -.(٤) تَقَّدَمَ ذِكْرُهُ (ص ٣٢).(٥) انْظُرْ «تَفْسِيرَ الخَازِنِ» (٣/ ٢٣)، وَأصْلُ العِبَارَةِ - بِتَمَامِهَا - مِنْ كَلَامِ النَّوَوِيِّ فِي «شَرْحِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ» (١٦/ ١١٤).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute