وَفِي تَشْدِيدِ عُمَرَ أَيْضًا عَلَى الصَّحَابَةِ فِي رِوَايَاتِهِمْ، حِفْظٌ لِحَدِيثِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَرْهِيبٌ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنْ يُدْخِلَ فِي السُّنَنِ مَا لَيْسَ مِنْهَا، لأَنَّهُ إِذَا رَأَى الصَّحَابِيَّ المَقْبُولَ القَوْلِ، المَشْهُورِ بِصُحْبَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَدْ تَشَدَّدَ عَلَيْهِ فِي رِوَايَتِهِ، كَانَ هُوَ أَجْدَرَ أَنْ يَكُونَ لِلْرِّوَايَةِ أَهْيَبَ) (٣). وبهذا يسلم حديث رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلا يتطرق إليه الكذب، ولا يزاد عليه ما ليس منه.
وروى الخطيب عن عبد الله بن عامر اليحصبي، قال: «سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ عَلَى المِنْبَرِ بِدِمِشْقَ يَقُولُ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِيَّاكُمْ وَأَحَادِيثَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلاَّ حديثاً كَانَ يُذْكَرُ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، فَإِنَّ عُمَرَ كَانَ يُخِيفُ النَّاسَ
(١) ونحو هذا الحديث رواه البخاري في " صحيحه " عن أنس بن مالك أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمُعاذٌ رَدِيفُهُ عَلَى الرَّحْلِ، قَالَ: «يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ»، الحديث، وقال في آخر الحديث: وَأَخْبَرَ بِهَا مُعَاذٌ عِنْدَ مَوْتِهِ تَأَثُّمًا. انظر " فتح الباري ": ص ٢٣٦ جـ ١. (٢) انظر " مسند الإمام أحمد ": ص ٣٧ حديث ٦٠٢ جـ ٢ ذكر نحوه بإسناد صحيح وفيه زيادة «سَيِّدَا كُهُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَشَبَابِهَا بَعْدَ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ». (٣) " شرف أصحاب الحديث ": ص ٩٧ - ٩٨: ب.