أبلج يحيى بن سليم، وهذا الرجل ثقة في نفسه، إلا أن تضعيف الحفّاظ له جاء من قبل حفظه، فقال الحافظ ابن حجر (ت - ٨٥٢هـ) رحمه الله عنه: (صدوق ربما أخطأ)(١) ، وقد جعل الإمام الذهبي (ت - ٧٤٨هـ) رحمه الله هذا الحديث من بلاياه، وحكم عليه بأنه منكر (٢) .
رابعاً: أثر أبي سعيد الخدري (ت - ٧٤هـ) رضي الله عنه في قوله - تعالى -: {إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ}[هود: ١٠٧] قال: هذه الآية قاضية على القرآن كله (٣) .
وهذا الأثر وإن كان صحيحاً موقوفاً، إلا أنه لا دلالة فيه على فناء النار، بل كما يقول الإمام الصنعاني (ت - ١١٨٢هـ) رحمه الله: (غاية ما فيه أن كل وعيد في القرآن ذكر فيه الخلود لأهل النار، فإن آية الاستثناء حاكمة عليه، وهي عبارة مجملة لا تدل على المدعى بنوع من الدلالات الثلاث)(٤) .
ويجاب - أيضاً - بأن هذا الأثر محمول على عصاة المؤمنين من الموحدين الذي يبقون في النار - ما شاء الله - ثم يخرجون منها بهذه المشيئة الربانية، وعلى هذا يبطل الاستدلال به على فناء النار.
خامساً: أثر عبد الله بن مسعود (ت - ٣٢هـ) رضي الله عنه قال: (ليأتين على جهنم زمان ليس فيها أحد) ، وهذا الأثر رواه ابن جرير (ت - ٣١٠هـ) رحمه الله في تفسيره (٥) بإسناد تالف مظلم (٦) ، وأما البغوي (٧) رحمه الله فقد ذكره بدون إسناد، ثم قال:
(١) تقريب التهذيب ٢/٤٠١ - ٤٠٢. (٢) ميزان الاعتدال ٤/٣٨٤ - ٣٨٥. (٣) انظر: جامع البيان للطبري ٧/١١٥ - ١١٦، الأسماء والصفات للبيهقي ١/٢٦٤، الدر المنثور للسيوطي ٣/٣٥٠. (٤) رفع الأستار ص٧٩، والدلالات الثلاث هي دلالة: التضمن، المطابقة، الالتزام. (٥) انظر: جامع البيان للطبري ٧/١١٦. (٦) انظر: تخريج الألباني لهذا الأثر في رفع الأستار للصنعاني ص٧٦، وتخريج الأرناؤوط لشرح العقيدة الطحاوية ٢/٦٢٧. (٧) البغوي: الحسين بن مسعود الفراء البغوي الشافعي، الإمام القدوة، الحافظ، المفسر، يلقب بـ: محيي السنة، وركن الدين، ت سنة ٥١٦هـ. انظر في ترجمته: وفيات الأعيان لابن خلكان ١/٤٠٢، تذكرة الحفاظ للذهبي ٤/١٢٥٧.