الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فقد اقتضت حكمة الله تعالى ألا يدع عباده يسيرون فى الحياة على غير هدى، ولا أن يتركهم لعقولهم التى قد تغلبها الأهواء فتضل وتغوى، فأرسل إليهم رسلا حدد مهمتهم بقوله:"رسلا مبشرين ومنذرين"(١)، وبين حكمة إرسالهم بقوله:{لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}(٢)، وكان فى كل جماعة من الجماعات البشرية الهامة من يرشدها كما قال سبحانه:{وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ}(٣)، وكان هؤلاء المرشدون من الكثرة بحيث قال الله فيهم:{وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ}(٤)، على ما تفيده "كم" الخبرية من التكثير، وكفانا مئونة عدهم فقال:
(١) و (٢) سورة النساء: ١٦٥. (٣) سورة فاطر: ٢٤ (٤) سورة الزخرف: ٦